فداء عيتاني
“لا مجال لدخول ميشال عون الى الحكومة لا هو ولا من يمثله”، بهذه العبارة القاطعة تتحدث مصادر تيار المستقبل عن التأزم الحاصل حالياً، وتؤكد وقوفها خلف الحكومة الحالية.
بعد أن أبدت كل القوى مواقفها “كان لا بد لزعيم السنّة في لبنان من أن يقول موقفه أيضاً” تضيف المصادر، مشيرة إلى موقف النائب سعد الحريري خلال إفطار الأول من رمضان، وترى أن هذا الموقف الحاسم أدى الى تهدئة الشارع، وخاصة أن التهديد كان موجهاً للنزول الى الشارع بعد رمضان، وترحيل الحكومة والحريري من قصره.
مصادر المعارضة تنقل في المقابل ارتياح رئيس الجمهورية اميل لحود الى الوضع الحالي، ليس لناحية التأزم وإنما لناحية موازين القوى، إلا أن مصادر المعارضة تنبه الى أن موازين القوى ليست لمصلحة المستقبل وحلفائه، وهي بحال وضعها تحت الاختبار الفعلي ستشكل ضغطاً كبيراً ضد الحكومة يؤدي الى إطاحتها.
“لم يعد من الممكن الدخول في التسويات” تقول مصادر المعارضة التي شبكت مروحة واسعة من التحالفات حولها، مجمعة أسباب نجاح إسقاط الحكومة الحالية، وما سيلي ذلك من الحصول على الثلث المعطل “ولمَ لا نحصل على الثلث المعطل؟ ولأي سبب يستمرون في الاستئثار بالحكم؟” يسأل المصدر، قبل أن يحسب الاحتمالات الأسوأ.
تجميع القوى بعد رمضان، النزول الى الشارع، احتلال الساحات بجمهور مسالم، ساحة الشهداء، ساحة النجمة، ساحة رياض الصلح نحو السرايا الكبيرة، بعدها يصبح سقوط الحكومة تحصيل حاصل، يقول المصدر، وفي هذه المواجهة السلمية سيكون موقف الجيش اللبناني محايداً، أما القوى الأمنية الأخرى فعلى الأرجح سيتم تحييدها أيضاً، واحتمال إعلان منع التجول لن يمنع تدفق المعارضة، كما ان نزول الأكثرية الى الشارع سيفضح حجمها الحقيقي بنظر المعارضة، ويبقى الخوف من افتعال مشكلة مباشرة وإطلاق النار على المتظاهرين من هذا الطرف أو ذاك.
لكن المصادر النيابية في “المستقبل” تشير إلى أن تعديل الحكومة غير وارد، وخاصة أن أي دخول لمزيد من المسيحيين الى الحكومة سيفتح الباب أمام إدخال وزراء من طوائف أخرى. وتقول المصادر عينها إن الحلول المحلية باتت قليلة، لم يعد هناك ما يمكن توقعه إلا من الرئيس نبيه بري، وخلال فترة قصيرة، وإلا فالأسوأ هو ما سيحصل. وتضيف أن “التيار” هادن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وتجنب الرد عليه مباشرة في محاولة لاحتواء التوتر، ولم يعد هناك اليوم ما يمكن الرهان عليه إلا قوة التيار في الشارع وضعف الخصوم وحكمة الرئيس نبيه بري.
وعن الشارع تقول مصادر “المستقبل” إن الإحصاءات وبعضها مستقى من مصادر غربية معنية بدراسة الأرض اللبنانية، تشير إلى ضعف كبير لدى المعارضة، فالسنّة من المعارضة “أمام أوضاع هشّة ومحصورة في التقديمات الاجتماعية، وبالتالي لا تؤهّلهم لخوض غمار التحرك الميداني، كما ان الرئيس فؤاد السنيورة هو المفضّل لدى أغلبية السنّة في بعض المناطق كرئيس للحكومة بنسبة تفوق النصف، وان خيار الكثير من السنّة في إحدى المدن الرئيسية هو السلام بما في ذلك مع إسرائيل (اعتماداً على دراسات غربية) ويردّون ذلك الى الأزمة الاجتماعية والمعيشية التي دفعت بالناس الى البحث عن السلام وعودة الازدهار بأي ثمن”.
مقابل هذه الأرقام تتحدث المعارضة عن “عودة الشارع الى رشده، وقيام اتجاهات سنية بيروتية وغير بيروتية بالظهور والنشاط، وبظروف أفضل مما كان في السابق، وان قوة تيار “المستقبل” لم تعد كما كانت، وهو لا يتحرك إلا بالتحريض المذهبي، وهو ما يجب نزع فتيله حتى لا يشعل البلاد، ولكن الثقل الفعلي للتيار لا يتجاوز نصف السنة في لبنان عامة، وهؤلاء يؤيدون السلطة، وبالتالي فالحجم الفعلي للأكثرية ليس هو ما تتصوره في خيالها وتصوّره في إعلامها”.
وبين أطراف المعارضة والأكثرية الحاكمة تحذر مصادر متابعة من أن هناك قراراً جاهزاً لتقديمه الى مجلس الأمن الدولي، وتحت البند السابع لإرسال قوات دولية الى بيروت، ينتظر فقط مشكلة كبيرة في شارع بيروت، ويحسم بالتالي النقاش حول التدويل وحول المحكمة ذات الطبيعة الدولية، في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.