نادر صبّاغ
من موقع «الممانعة للمشروع الأميركي ــ الصهيوني في المنطقة»، يؤكد النائب أسامة سعد احتضان المقاومة ومعارضة إلحاق لبنان بالمنظومة الأميركية تحت مسمّيات الديموقراطية وحقوق الانسان، رافضاً توريط الأكثرية الحاكمة للكتلة السنّية في خيارات لا تصب في مصلحتها.

يرى «أبو معروف» أن لبنان يشهد مخاضاً سيؤدي إلى تغيير جذري على الساحة السياسية الداخلية. مخاض غير المخاض الذي تحدثت عنه كوندوليزا رايس والذي «أصيب بنكسة نتيجة صمود المقاومة وانتصارها، ونتيجة فشل أميركا واسرائيل في تحقيق أهداف الحرب على لبنان، والتعثّر الأميركي في العراق، وما يجري في فلسطين، والحركة الشعبية على تواضعها في معظم الساحات العربية من المغرب إلى المشرق العربي، كلها تشير إلى مخاض من نوع آخر، إلى بروز وعي جديد يرتكز على أهمية المقاومة لا في دحر الاحتلال وهزيمته فحسب، بل في امتلاك إرادة التغيير، واتساع الهوة بين الشعوب والأنظمة في الوطن العربي».
ويضيف: «لذلك تحاول الولايات المتحدة الآن تطويق هذا المناخ الذي أنتجته تداعيات الحرب على المستوى الشعبي العربي عبر تعديل الخطاب السابق لا الأهداف. فالأهداف ما زالت نفسها: اجتياح سياسي، فكري، ثقافي، اقتصادي، أمني عسكري وصولاً إلى تفتيت المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وإثنية وعرقية، أما الطرح الجديد فهو تشكيل محور «المعتدلين» في مواجهة محور «الشر والمتطرفين».
في رأي سعد «المقاومة ليست فقط لمواجهة عدو خارجي أو أداة للموت والحرب والقتال، بل هي حالة للتغيير نحو الأفضل والبناء والتطوير والإصلاح. نرى اليوم أن السلطة والأكثرية تتحالف مع قوى العدوان الداعمة للعدو الاسرائيلي، وبالتالي فالمقاومة أمام معركة متعددة الجوانب، معركة تحرير الأرض، وتحقيق السيادة الحقيقية، ومعركة ضد قوى التحقت في شكل كامل بالقوى الخارجية التي تتكامل مع العدو وأهدافه، هذا ما شهدناه خلال العدوان وقبله، ولا نزال نشهده بعد وقف اطلاق النار».
ويتوقع تغيّراً في المشهد السياسي الداخلي خلال الفترة المقبلة، ويقول «لا بد من أن تترجم الحقائق التي أفرزتها الحرب إلى واقع سياسي جديد عاجلاً أو آجلاً. هذه حقائق باتت موجودة في الواقع اللبناني ولا يستطيع أحد أن يتجاهلها. لا بد من تغيير حكومي قريب، هذه الحكومة بحكم الساقطة لعوامل ذاتية داخلها، فقد انقلبت على بيانها الوزاري الذي نالت الثقة على أساسه».
أما بالنسبة الى موقع عاصمة الجنوب من التداعيات الكثيرة التي أفرزتها الحرب، فيشير «الدكتور» إلى أن «صيدا قالت كلمتها خلال الحرب وترجمت موقفها في شكل صادق على أنها عاصمة الجنوب والحاضنة دوماً لكل أشكال المقاومة الوطنية والقومية».
ويضيف «هناك فارق بين من احتضن النازحين لاعتبارات انسانية، وبين من حاول أن يؤثر في مزاجهم ليغيروا من قناعاتهم، وقد كان ذلك تصرفاً عبثياً. هذا الأمر أحدث توترات في كثير من المناطق، لكنه في صيدا أدى إلى تراجع الخطاب التحريضي المذهبي الذي لم يـــــجد له ســــــبيلاً في المدينة من قبل».
وفي هذا السياق يردّ سعد على الحديث المتنامي عن موجة تشيّع تشهدها المدينة بالقول «إن هذا الموضوع غير دقيق، وهو كلام أميركي ــ اسرائيلي الهدف منه تهميش الصراع الصهيوني وتقزيمه لمصلحة صراع آخر وهمي مفتعل مع قوى وأطراف هي أساساً جزء من هذا النسيج الوطني والقومي العام. من المؤسف أن هذا الموضوع قد كُبّر حجمه ليصبح على مستوى الوطن العربي كله».
ويتابع «هذا النظام العربي الرجعي، وجزء منه هذه الأكثرية في لبنان التي تتأهل وتؤهل نفسها لتلتحق به، لم يعد عندها شيء تقدمه سوى هذه المقولات التي تعفيها بناءً على طلب من أسيادها الأميركيين من موجبات الصراع مع العدو الصهيوني. الكتلة السنية في لبنان هي آخر من يجب أن يخاف مما يسمى بالخطر الشيعي، إذ إنها ليست أقلية ولها عمقها العربي والإسلامي. إنهم يصنعون لهذه الكتلة عدواً وهمياً والمؤسف أن البعض من قادة هذه الكتلة قد تجاوز الخطوط الحمراء، الآن وبسبب نظرتهم الضيقة وبسبب توجيهات خارجية يورطون هذه الكتلة السنية، أو يحاولون توريطها، في خيارات ليست في مصلحتها».
عن أجواء الاحتقان السياسي داخلياً، يؤكد سعد أن «الأكثرية التي تمسك بزمام الأمور في البلد، تسعى إلى توتير الأجواء، فبدلاً من معالجة الأزمات تفتعلها عبر أسلوب التحريض الطائفي والمذهبي، كما تفتعل أزمات ليست في مصلحة الوطن كقضية العلاقات اللبنانية ــ السورية، تُسقط سياسات خارجية على الواقع اللبناني إسقاطاً يؤدي إلى المزيد من التوتر. ترفض القبول بفكرة حكومة الاتحاد الوطني، تعطّل الحوار في شكل أو آخر، حتى لو جلست خلف طاولة الحوار. تحاول بسلوكها السياسي والإعلامي أن تخلق نوعاً من التوتر المستمر. وفي رأيي هذا الأمر مطلوب منها، كل ما تقوم به الأكثرية والحكومة هو تلبية مطالب وإملاءات خارجية وليس لديها أي برنامج وطني».
وفي معرض توصيفه للعلاقة بينه وبين النائبة بهية الحريري، يلفت سعد إلى أنه جرت محاولات عدة لترتيب هذه العلاقة، ولا سيما بعد اغتيال الرئيس الحريري، بهدف إيجاد نوع من الاستقرار السياسي في صيدا، «وخصوصاً أننا كنا ندرك خطورة أي توتر في المدينة لكونها على تماس مع ملفات دقيقة وخطيرة منها ملف المقاومة وسلاحها، واحتضانها أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، ونظراً إلى تنوعها السياسي، لكل هذه الاعتبارات، من المفيد أن يكون هناك نوع من الاستقرار، وألا نمكّن قوى تملك مشاريع تتعلق بهذه الملفات من أن تكون لها قاعدة انطلاق في المدينة. ليس من مصلحة صيدا أن يكون هناك طرح طائفي أو مذهبي فيها، هناك تجاوب من الطرف الآخر مع هذه الرؤية، لكنهم عملياً يقولون ما لا يفعلون».
عن السلاح الفلسطيني في المخيمات ولا سيما في عين الحلوة وتأثير ذلك على صيدا، يلفت «أبو معروف» إلى «أن القرارات الدولية التي صدرت ولا سيما القرارين 1559 و1701 اللذين يطالبان بنزع السلاح الفلسطيني من ضمن البنود الواردة فيهما لم يشيرا إلى الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بما فيها حق العودة. وبالتالي أنا أسأل الأكثرية الحاكمة والمجتمع الدولي، ما هو الحل بالنسبة إلى 400 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان؟ هل المطلوب توطين الفلسطينيين في لبنان؟ هل يحتمل لبنان أن نختار التوطين؟ هذا سؤال موجّه إلى الأكثرية التي تتحدث عن تطبيق القرارات الدولية وتنفيذها».
ويتابع «يمكن أن يكون بعض من قوى الأكثرية يصنف الفلسطينيين كتلةً سنيةً مضافةً إلى الكتلة السنية الموجودة حالياً، فيسعى في شكل أو آخر إلى استيعاب هذه الكتلة وإلى تحييدها أو استخدامها في الصراع الداخلي، وهذا أمر خطير».
ويختم سعد بتأكيد حق الشعب الفلسطيني بالتمسك بسلاحه لأنه نقيض للكيان الصهيوني، وبالتالي فهو مستهدف في مخيماته، ولا سيما في ظل غياب استراتيجيا دفاعية، ويطمئن: «لست متخوّفاً من موضوع السلاح الفلسطيني لا على صيدا ولا على لبنان، وأعتقد أن هناك وعياً لدى الشعب الفلسطيني كي لا يورّطه أحد في الصراعات الداخلية».