رزان يحيى
الاسم، اسم الأم، اسم الأب، الجنس، الجنسية، تاريخ ومحل الولادة... الطائفة والمذهب. نموذج من معلومات «ضرورية» على الطالب الراغب في التسجيل في الجامعة تدوينها. وبين منتبه أو غير مكترث أو مستعجل للانتهاء من التسجيل، تتحوّل الطائفة معلومة «أساسية» يجيب عنها الطلاب بعفوية. فهل السؤال عنها من الجامعة عفوي أيضاً؟

«هذا الطلب ناقص»، تعيد السكرتيرة الطلب إلى مكسيميراجعه: «حتى هون مضطر قول شو هية طايفتي» فتسحب الطلب بعصبية: «على السريع، مسيحي؟ شو؟». يواجه طلاب من جامعات مختلفة مشكلة السؤال عن الطائفة على طلبات التسجيل، ومنهم من تعوّد هذا النوع من الأسئلة في طلبات العمل، وثمّة من يرى في الأمر ضرورة «لأجل التوازن الطائفي في الجامعات».
مارك، طالب في جامعة القديس يوسف، لم يفكّر في الموضوع كثيراً «لكن يجب على الجامعة ألّا تسأل وأن تكتفي بالهوية». ثم يبرّر «بس بالـ USJ لا يؤثر هذا السؤال في تركيبة الجامعة، أنا أعمل بالانتخابات وأعلم أنّ نسب المسيحيين والمسلمين متقاربة». زميله محمد فرحات يخلط بين العصبية والاستهتار: «أنا ملأت مكان الطائفة، وإذا لم أملأها يستطيعون أن يعرفوا من الاسم والعائلة أني مسلم وشيعي». ويضيف أن هذه حال البلد، و«تصرّف الجامعة، علماً بأنها مسيحية، ليس عدائياً تجاه الطلاب المسلمين، وبالتالي لا داعي لأن أرى في الأمر مشكلة». رشا، طالبة في اللبنانية الأميركية، يستفزّها مشهد الطلاب «غير المكترثين» لهذه المسألة أكثر ممّا تستفزّها خانة الطائفة بحد ذاتها. وترى الأمر «شي مش مقبول»، مضيفةً «دعهم لا يقنعونا أن الأمر له علاقة بإحصاءات يحتاجونها لمعرفة قدر التنوع الطائفي في الجامعة، فهذا الإحصاء بحد ذاته طائفي. لماذا يمكن أن يكون هناك مشكلة إذا تفاوتت أو تقاربت النسب بين المسيحيين والمسلمين».
سارة عبّرت عن صدمتها. ففي مخيّلتها أنّ الجامعة المكان المثالي لكي يثبت الطالب نفسه كإنسان. «اعتقدتها المكان حيث لا طائفة ولا مذهب ولا جنس يكون مقياساً للحكم. وظننت أن امتحان الدخول والكفاءة العلمية تكون هوية جديدة للشباب في مجتمع يتجذر فيه الفساد والمحسوبيات. وكان يومي الأول في الجامعة كفيلاً بتحطيم هذا الوهم وإدراكي أن الجامعة هي إخراج قيد من نوع آخر». سارة خافت من عواقب عدم ملء الخانة المخصّصة للطائفة: «أشعر الآن أني خائنة لمبادئي، وأمثالي يبقون الوطن رهين الطائفية». أمّا مروان فيقول إنّه اليوم، وهو على أبواب التخرج، لم يعد يذكر إذا أخذ منه هذا الموضوع الكثير من تفكيره، لكنه يعرف أن الكثير من الطلاب الذين يستنكرون الأمر، ينسونه مع مرور الوقت. ويضيف: إنّ المشكلة ليست في الإحصاءات «إذا كان الهدف غنى الجامعة وتنوعها»، بل يتجاوزه الى استناد الأحزاب الى هذه الإحصاءات خلال الانتخابات. باختصار «لبنان على صغير».
مدير العلاقات العامة في الجامعة اللبنانية الأميركية، كريستيان أوسي، يؤكد أن الهدف إحصائي محض ولا علاقة له بالعمل الأكاديمي، وإن الجامعة تهدف أن تكون صرحاً لكل أبناء الوطن، وأن تربي أجيالها على أساس التفكير العلماني، مع الإشارة إلى وجود نية لإلغاء السؤال عن الطائفة من طلبات التسجيل.
من جهته، رأى هنري عويط، الأمين العام لجامعة القديس يوسف، «أنّ القانون الأساسي للجامعة يرفض التمييز بين الطلاب، الأكاديميين والإداريين، إن على أساس الدين أو المعتقد أو الجنس وغيره من المعطيات. ولذلك تندرج الكثير من المعطيات في طلب التسجيل بهدف رصد نسب التحرك الاجتماعي بين الأجناس والمناطق والطوائف والأعمار المختلفة». ويتمنّى عويط «أن تكون الجامعة صورة عن المجتمع اللبناني بمختلف أطيافه»، ويؤكد أيضاً وجود «توجّه لإلغاء الطائفة عن طلبات التسجيل دعماً لتحركات المجتمع المدني، وحرصاً على تكريس مفهوم المواطنية».
وأكّد كلّ من عويط وأوسي أن هذه الإحصاءات «لا تدخل ضمن معايير المساعدات الاجتماعية التي لها استقلاليتها».
ويأتي موقف عميد القبول في جامعة البلمند الدكتور وليد المبيّض مشابهاً، إذ يؤكد أنّ الطلاب سواسية أمام الجامعة. فالجامعة تطلب من الطلاب أيضاً معلومات شخصية تدخل في إطار الإحصاء كالجنسية والمنطقة، إذ يؤكد مبيض «على ضرورة معرفة إدارة الجامعة مدى انتشار اسمها».