بيسان طي
كأنه مهرجان للفرح، قرب المارينا في الضبية تحول المشهد برتقالياً. مناصرو التيار كانوا هناك، آلاف، عشرات الآلاف بل أكثر. كانوا على درج قصر المؤتمرات وفوق سطحه يطلون من نوافذ صغيرة، وكانوا أيضاً في الحديقة الخضراء قربه وعلى الجسر المطل عليه وفي الطرقات القريبة منه
من بيروت إلى الضبية تلوّنت الطريق، عند الكرنتينا كانت تتردد بين حين وآخر نغمة “الزمور” الشهيرة والخاصة بـ“العونيين”، ومن مستديرة الزلقا كانت السيارات تغيب تحت موج من الأعلام البرتقالية. هكذا كان المشهد من الدورة إلى الضبية صباح أمس على رغم أن الدعوة للمهرجان كانت قد ألغيت.
الآتون من البقاع ومن بيروت عبروا مستديرة الزلقا إلى قصر المؤتمرات مصمّمين على الاحتفال مع مناصري التيار الآتين من المناطق الأخرى، وفي الضبية بدأ التجمع منذ الثامنة تقريباً.
عند مستديرة الزلقا يقف خمسيني وسط الطريق حاملاً طبله يضرب به، “عزفه” كان الإعلان الأول عن الاحتفال الذي استمر ساعات.
الصغار حضروا مع أهلهم، كانوا يركضون في الحديقة الخضراء أو الباحة الخلفية، وقرب كل سيارة فان كانت تبث أغاني عن النائب ميشال عون. كان العشرات يتمايلون على الأنغام يرفرفون بأعلام لبنان وأعلام التيار الوطني الحر، يغنون، يهيصون أو يتحلقون قرب ضارب طبل.
المهرجان السياسي كان أشبه بكرمس للفرح، غابت عنه الألعاب ولم تغب الابتسامات والأجواء المرحة، هذا يصفق، وذاك يقدم عرضاً في الشارع حاملاً علماً ضخماً من عشقوت، ورابع يرسل التحيات لأبناء المناطق اللبنانية ويرفع شارة التيار، وفتيات ونساء بلمساتهن الخاصة، يلفت إلى حضورهن بين الجموع.
مطر الصباح لم يمنع مناصري التيار من “الاحتفال”، وعند الواحدة ظهراً هطل المطر من جديد لكنه لم يغير شيئاً في ذلك المشهد الاحتفالي ـــ البرتقالي الذي غطى الضبية وجوارها، العالقون في زحمة شكلت آلاف السيارات لم يغيروا مسارهم، والمحتشدون قرب قصر المؤتمرات لم يغادروا المكان، ظلوا هناك يتابعون احتفالهم في انتظار أن يلقي “الجنرال” كلمته.
بين مجموعة من الشبان وقفت نائلة شلهوب، هي امرأة في العقد الخامس، أم لثلاثة شباب هجروا لبنان بسبب ما عانوه خلال الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي والنزاعات داخل كل طائفة، هي وحيدة حالياً تدير مطعماً قرب طريق صيدا القديمة، تعشق الجنرال وتفخر بسياسته وتحالفه مع المسلمين، وهي تتحدث التفت شاب “المسيحيون ليس لهم ثأر على حزب الله الذي لم يقاتلهم”، وتلفت شابة إلى الأعداد الكبيرة المتجمعة، تغمز صديقها وتقول وهي تضحك“ليتجمد ساكن الأرز في منزله، نحن المسيحيين، عندما ينزل التيار عَ الأرض يمليها بناسه” وتختتم “ما أجمل أن نرى اللبنانيين متوحدين”.
ساندي مراهقة لم تتعب وهي تلوّح بعلمها البرتقالي لساعات، قالت إنها فخورة بأبيها “جورج نقولا اسحق الذي سقط شهيداً في 13 تشرين الأول 1990”، على رغم أنها لا تعرفه جيداً، فقد مات وهي صغيرة جداً.
الكلام عمن رحلوا، وعن التمثيل المسيحي وعن شعبية عون لم يكن يقال أمس بأسلوب استفزازي، فأجواء الفرحة المسيطرة لم تكن تسمح بذلك.
تحت المطر كان الاحتفال أجمل، الفرح نزع عن التجمع صبغة التحدي، على رغم أن الآلاف الذين “تحدوا القمع 15 عاماً لا يخيفهم المطر” كلام كان يتردد في الضبية أمس.