نادر فوز
سبقت يوم احتفال التيار الوطني الحر مواكب سيّارة جابت جميع المناطق «المسيحية» حاملة معها النقاشات بين الشبان، وخصوصاً القواتيّين والعونيّين.
بعض هؤلاء الشبان التقوا في الساعة العاشرة صباحاً عند مدخل أحد الأفران، بعد سهرة طويلة في أحد محالّ البيليار في الحازمية. «الهيئة خافوا يتشّوا»، يقول أحدهم لصديقه. الشاب المعني بـ«اللطشة» لم يجب، واكتفى باستعجال الفرّان بالمنقوشة. احتجّ «القواتي» عند صاحب الفرن، «صارلنا ساعة ناطرين»؛ ثمّ أردف: «شفت إنو الله قوات! شتّت الدني على وقت التيار». عندها انفعل طوني، مناصر الجنرال، فردّ: «الشتي خير من اللّه». حمل جاد وريشار، القواتيان، منقوشتي الجبنة وراحا يتناولانهما مكملين الحديث. في هذه الأثناء، كان طوني يتحدّث إلى الفرّان بصوت عال عن متابعة شبان التيار للنشاط واستمرار توجههم إلى ساحة الاحتفال. «الحمد لله في شباب بالتيار» يقول جاد، ليكمل ريشار «بس زعيمهم ختيار بيكرّب إذا وقف بالشتي». تواصل الحديث بين الزميلين لحين قيلت هذه العبارة «بيجمعوا شي خمسمئة ألف، جايبين غدا لمئة ألف بس، لأن الأربعمئة التانيين صايمين».
تطوّر النقاش بعدها ليصل إلى ذكر الأحداث التاريخية؛ «جعجع سلّم السلطة للسوريّي»... «وقت كنا عم نحارب السوريّي وين كان بعده الجنرال»... «إنتو متحالفين مع الأحزاب السوريّي»... «بهدلتم المسيحيّي بتحالفاتكم»... «زعيمكن محكوم مؤبّد»... «إنتم متحالفين مع الأحزاب اللي همّشتنا»... «عجقت اليوم عالحدود السوريّي»... تكاد لا تخلو عبارة من كلمة لها علاقة بسوريا، كأنّ الصراع بين «التيار» و«القوات» قد تسبّبت به سوريا.
وبينما كان النقاش محتدماً، كان أنيس، صاحب الفرن، يكتفي بالاستماع وهو يدخّن سيجارةً ويشرب قهوته. حتى بدا كأنّه يقول في نفسه «ان شاء الله بيدبّحوا بعضهم، المهم يضل المحل ماشي». لكنه ما لبث أن انتفض وراح يوزّع حكمه يسرةً ويمنةً، معتبراً أنّ المهم وحدة المسيحيين وليس الخلاف بين شبابهم، وختم «وقت يجتمع جعجع وعون على فرد طاولة، وين بتكونوا؟».