دول العنف المنظم
تنفّست الجالية العربية الصعداء إثر اكتشاف الجاني الذي ارتكب الجريمة البشعة التي وقعت في كلية «داوسون» في مدينة مونتريال الكندية. مأساوية الحادث كانت فوق الاحتمال، الحادث بحد ذاته ليس جديداً، وخصوصاً مع رواج واتساع رقعة حوادث إطلاق النار الذي يطال المدارس والكليات والجامعات في أنحاء مختلفة من العالم، ما يؤكد التحذيرات المتتالية من أن العالم لم يعد آمناً بالقدر الذي كان عليه سابقاًَ. الواضح أن العالم يتجه نحو الغرق في دائرة العنف المفتوح.
الأسباب التي تجعل من العالم طافحاً بهذا القدر من العنف الذي لا يوفر أحداً عديدة إلا ان أبرزها قد يكون الحروب العديدة التي أطلقها الرئيس الاميركي جورج بوش بحجج من بينها محاربة الارهاب، وقد يكون السبب هو تعاظم الظلم واللامساواة بين البشر، وربما أسباب أخرى تشتق نفسها من الأسباب التي ذكرناها.
العنف الذي روّع مدينة مونتريال الأسبوع الماضي، حصل عندما أقدم الكندي كيمفير غيل على إطلاق النار العشوائي على طلاب كلية «داوسون»، الذي أسفر عن مقتل شخصين هما منفذ الاعتداء وإحدى الطالبات في الكلية، بالإضافة إلى إصابة 12 شخصاًَ، ثمانية منهم في حالة حرجة. المفارقة ان التحقيقات الأولية أظهرت ان هذا الشخص مهووس باقتناء الاسلحة النارية والسكاكين وكذلك إدمان ألعاب الفيديو العنيفة، وقد خلّف وراءه رسالة يطلب فيها ان يكتب على ضريحه هذه العبارة:
(عاش حياة قصيرة، ومات صغيراً، وخلّف وراءه رتلاً من الجثث). على ان الغريب كان في تعامل وسائل الاعلام المحلية مع الحادث، ففي العادة كانت تسارع، قبل اتضاح خيوط الجريمة، الى نسبتها إلى العرب والمسلمين، وتهرع الى المراكز العربية والاسلامية ومراكز الجمعيات.
الأرجح ان انتشار العنف يعود الى سيطرة مفهوم القوة الذي تروّج له سياسات الدول الكبرى، وفي الطليعة أميركا، التي تساوي بين الضحية والجلاد. أرقام الضحايا العراقيين دليل على ما تسببه هذه السياسات الحمقاء.
غداً سينكبّ المحللون والاعلاميون والسياسيون وسائر العالم على دراسة شخصية «كيمفير غيل» وسيوصف بأنه رجل مجرم، أما ضحيته الطالبة البريئة «أناستازيا دي سوزا» فسيقتصر تذكّرها على ذويها وأصدقائها. المهم ان أصل العنف يكمن في سياسات القوة التي تقود خطوات السيد جورج بوش.
غسان عجروش - (مونتريال ــ كندا)