فداء عيتاني
قرر تيار “المستقبل” التهدئة. وأعلن في اجتماعه الاخير أنه يتجه نحو «مناخ يوحي بالهدوء». وإذا كانت الأجواء لا تثبت العناصر العميقة لهذا الهدوء، فإن في التيار من يراهن على دور الرئيس نبيه بري. كما ينظر “التيار” بارتياح الى حركة بري في “ضبط عناصره ومنع من تسوّل له نفسه إثارة النزاعات”.
“يحرص الرئيس بري على دور حواري” في رأي نائب بيروتي يعيش في منطقة تشهد توترات بين وقت وآخر. التيار يرحب بهذا الدور، لكن لا مبادرة تلوح في الافق ولا حوار يبدو أننا مقبلون عليه، ولا حتى اتصالات بين المستقبل وحزب الله.
لا يعني المستقبل كثيراً نزع سلاح حزب الله حالياً، ولا ربما لاحقاً، فللسلاح غد كئيب، ويرى النائب نفسه “ان مبادرة الجماعة الاسلامية لحل مسألتي سلاح حزب الله والاستراتيجية الدفاعية منطقية الى اقصى حد، وهي مبادرة مقبولة، وتلغي حصرية السلاح كما تلغي تمركز السلاح بيد فئة دون غيرها، وتشرع المقاومة إذا احتجنا إليها يوماً ما”.
ولكن سواء تم التوافق على السلاح او لا فإن رؤية “المستقبل” لما ستكون عليه الحال قريباً هي التالية:
“سيتم ضبط الحدود مع سوريا في المستقبل القريب، الحدود البحرية ضبطت، وسينتشر في البحر 40 ألف جندي مما يصعب حتى عملية السباحة في المياه الاقليمية وما خلفها، وسيقف الجنود الدوليون واللبنانيون في الجنوب كتفاً الى كتف، حيث سينتشر 30 ألف جندي جنوبي نهر الليطاني، وعندها يصعب مرور شاحنة من بين هؤلاء، وستعيد إسرائيل مزارع شبعا قريبا جداً، وبعد حل هذه المسألة ومشكلة أراضي قرية الغجر لن يبقى لنا شبر في ذمة اسرائيل وخصوصاً ان اسرائيل ستكون عملياً تطبق ورقة البنود السبعة للرئيس فؤاد السنيورة، والأسرى اللبنانيون يعودون ضمن اطار تبادل مع حزب الله”.
في هذه الاجواء فإن الاشتباك مع اسرائيل ليس مستبعداً فحسب، بل لا مبرر له، وفي حال حصوله فإن الصورايخ البعيدة المدى التي يمتلكها “حزب الله” والتي يمكن إطلاقها من شمالي الليطاني سيسقطها الباتريوت، والقريبة المدى التي يمكن إطلاقها من جنوبي الليطاني لن تجد منصات إطلاق اللهم الا اذا ساعد الجنود الدوليون في نصبها وإطلاقها ضد اسرائيل، كما ان الصواريخ القصيرة المدى سقطت فاعليتها الأهم التي كانت توازن الرعب، بما يعنيه توازن الرعب العسكري من التهديد باستخدام السلاح وليس استخدامه فعلياً، كما هي حال توازن الرعب النووي الذي لا يسمح لدولة باستخدام السلاح النووي ضد اخرى.
ويضيف المصدر نفسه ان مؤسسات “حزب الله” المركزية الكبرى ضُربت بالكامل، وفي حال ضبط الحدود حتى الامداد المالي لحزب الله سيكون قد تقلص، وهو ما سينعكس مع الوقت تقلصاً وضموراً في الحزب نفسه وانتشاره. ومع انتفاء الحاجة الى السلاح سيصبح هذا السلاح حبيس المستودعات ويتحول مع الوقت الى خردة.
ويتابع المصدر “ان الذهاب الى التوتير لن يفيد احداً، الكل سيتأذى من اي توتر، وسيغلق الجبل الطريق الى الجنوب كما سيغلق البقاع الطريق الى الجبل وهكذا دواليك، وسيحصل اشتباك عند كل مفترق طرق يمر عليه شخصان من مذهبين مختلفين، وبالتالي فإن هذه الاجواء لا تحقق مصلحة لأي فريق، ولا يغلب فيها اي فريق الآخر. والكل محكوم بالحوار، وإن كانت بعض القوى وخصوصاً من اطراف سنية تسعى الى التحرك في الشارع فإن التحرك لن يكون جدياً ما لم يعط حزب الله اشارة التأييد لهذه القوى، وهو ما يبدو بعيداً عن منطق ادارة حزب الله للأمور اليوم، ومع انعدام قرار الحزب بإسقاط الحكومة في الشارع فإن كل الحراك الآخر يبقى غير ذي جدوى”.