غسّان سعود
تشغل الانتخابات الطلابية في الجامعة اليسوعية الجسم الأكاديمي برمته. فرهبان اليسوعية وأساتذتها وطلابها، إضافة إلى السياسيين والإعلاميين، يبدون اهتماماً لافتاً بهذه الانتخابات التي غالباً ما تكون الأولى بين الجامعات وتؤثر نتائجها في معظم ما يلحقها. كيف بدا مشهد اليسوعية أمس قبل إقفال باب الترشح للانتخابات الطالبية وبعدهلا بدّ من التذكير بدايةً بأنّ جامعة القديس يوسف (اليسوعية) شكلت في الحقبة الماضية منبراً شبه وحيد بين الجامعات الخاصة للتعبير الصاخب عن رأي أحزاب المعارضة، المسيحية منها بشكل خاص. وكانت يسوعية «هوفلين» المحطة الرئيسية لانطلاق معظم التظاهرات. وفي العام الفائت، أحرز التيار الوطني الحر الغالبية الساحقة من مقاعد الهيئات الطالبية في الجامعة. ونجح باستثمار انتصاره اليسوعي في جامعات أخرى، وهو الأمر الذي تخشى من تكراره القوات اللبنانية وحلفاؤها.
أمام مدخل اليسوعية في «هوفلين»، يقف شابان يبتسمان للسؤال عن الانتخابات في كليتهما، ويقولان: «يسوعية يعني سياسة». وفي داخل الكلية، الانتخابات هي الحديث الرئيسي. نقاشات سياسية، تبادل اتهامات حول التخلّي عن المسيحيين والدفاع عنهم، العمالة لسوريا والتبعية لقريطم. البعض يتهم الطلاب الحزبيين بخطف قرار الطلاب المستقلين. وحتى الإدارة في اليسوعية، عرضة للاتهام بالانحياز. وهكذا دواليك، تغيب الشمس، واليسوعيّون مستنفرون قبل قرابة عشرة أيام من انتخاباتهم، وسط انقسام يتطابق مع الانقسام السياسي العام. فيتنافس «تحالف القوّات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وحركة لبناننا» من جهة، و«تعاون» التيار الوطني الحرّ وحزب المردة مع «تكتّل المقاومة»، من جهة أخرى. ويبدو أنّ المعارك الضارية ستنحصر في كلية الهندسة في منطقة مار روكز، وكليات إدارة الأعمال والاقتصاد والعلوم السياسية والحقوق في منطقة «هوفلين».
وفي تفاصيل المعركة، أوضح المسؤول عن الاتصالات السياسية في لجنة الطلاب في التيار الوطني الحر، ماريو شمعون، عدم محاولة «التيار» التحالف مع القوات اللبنانية والحزب التقدمي وتيار المستقبل. وسجل عدة ملاحظات على سلوك إدارة الجامعة من حيث تمديد مهلة الترشح بضع ساعات، والتغاضي عن تهمة الرشوة التي تقدم بها «التيار» العام الماضي بحق شباب المستقبل. ولفت إلى أن طلاب القوات يعطون الكثير من حصتهم لطلاب المستقبل والاشتراكي. والدليل، بحسب شمعون، ترشُّح طالب تقدّمي في كلية الهندسة للمرة الأولى في تاريخ اليسوعية، إضافة إلى ترشيح طالب سني ينتمي إلى تيار المستقبل لرئاسة الهيئة الطالبية في كلية العلوم السياسية، وهي ظاهرة مستحدثة في اليسوعية ذات الطابع المسيحي. وأكّد مسؤول التيار في «هوفلين»، مارك ساسين، أنّ هناك انحيازاً إدارياً لمصلحة الفريق المنافس، وخصوصاً أن الوزيرين مروان حمادة ونايلة معوض هما اليوم عضوان في الهيئة التنفيذية في إدارة الجامعة اليسوعية. ورغم ذلك، تحسم مصادر التيار فوزها في كليتي إدارة الأعمال والعلوم السياسية ونصف مقاعد كلية الحقوق، إضافة إلى دعم لوائح تضم طلاباً مستقلين في كلية الآداب، بعدما جُدّدت ولاية الرئيس المستقلّ المدعوم من «التيار» في كلية الطب.
في المقابل، أكد مسؤول القوات اللبنانية في كلية الحقوق، مازن غصن، أن الموعد المتقدم للانتخابات لم يُتح وقتاً كبيراً للتحضير للانتخابات، ودراسة الواقع والظروف، والبحث في احتمال توسيع دائرة التحالفات. وأوضح أنّ ثمّة ازدحاماً للمرشحين، وخصوصاً في السنة الأولى، حيث تقدّم ثمانية مرشحين للفوز بمقعدين، إضافة لسقوط فرصة التوافق في السنة الثانية، فبات المرشح المدعوم من القوات في خطر. أما في الثالثة، فترشح ثلاثة طلاب. وينتظر أن يكون لكل من القوات والعونيين مقعد. واستغرب غصن ترشح أحد العونيين في السنة الرابعة، رغم عدم وجود ثقل عوني علني. وحذر من محاولات افتعال المشاكل لعرقلة الانتخابات، وبالتالي محافظة التيار على سيطرته على الكليات التي قد يخسرها هذا العام.
ويلاحظ رئيس الهيئة الطالبية في إدارة الأعمال، لويس حبيقة، أنها المرة الأولى التي يتحرك فيها حزب الله وحركة أمل بصورة علنية في اليسوعية، بعد أن ترشحوا في السنوات الماضية تحت غطاء «المستقلين».