عطا الله السليم
انطلق هذا الأسبوع العام الدراسي الجديد في الجامعة اللبنانية ــ الأميركية بعد تأخّر بسيط مقارنة بجامعات أخرى بدأت عامها الدراسي قبل أسبوع أو أسبوعين. ومردّ هذا التأخّر إلى قرار إدارة الجامعة استئناف فصل الصيف بعد إعلان وقف إطلاق النارلا بد للداخل إلى الجامعة من أن يلاحظ كثرة الوجوه الجديدة من الطلاب الذين بدوا منهمكين بحضور صفوفهم. كما أن حرارة اللقاء تبدو واضحة بين الأصدقاء، وخصوصاً أنّ قسماً كبيراً من طلاب الجامعة غادر لبنان خلال الحرب.
شهر الصيام لم يمنع الطلاب من التجمّع في الكافيتيريا التي اكتظت خلال أوقات الفراغ. هناك، كان محمد (سنة ثالثة إدارة أعمال) يحاول أن يشرح لأصدقائه مضمون بحث كان قد أعدّه خلال دراسته لصفّ الـ(Oral Communication).
يهدف البحث إلى تقديم مادّة إقناعيّة يستطيع من خلالها إقناع زملاء صفّه بفكرة ما. وانعكست ثقافة أحمد السياسية على بحثه هذا، فاختار موضوع سلاح المقاومة، فجلس يشرح لأصدقائه ــ عبر الجهاز المعلوماتي المحمول ــ أحقيّة حزب الله بامتلاك السلاح، ما دام هذا السلاح مخصّصاً لردع الانتهاكات الإسرائيلية. وراح يعرض مسيرة حزب الله النضالية.
ويبدو أنّ الحرب الأخيرة و«حمّى المهرجانات السياسية» التي تلتها، والتي بدأت في خطاب السيد حسن نصر الله في مهرجان النصر، مروراً بخطب العديد من الشخصيات السياسية، قد انعكست بشكل لافت على الطلاب. ففي مكان آخر من الكافيتيريا، يرن هاتف أحد الطلاب، فتصدح منه جملة من خطاب السيّد نصر الله: «بالسابق لما قلنا 12 ألف صاروخ، قالوا يمكن 13 أو 14 ألف، أما اليوم فنقول بأنّ المقاومة تملك أكثر من 20 ألف صاروخ، وشحطتين تحت أكتر...». وفي ردّ فعل واضح، قام أحد أصدقاء هذا الطالب بإسماعه فوراً أحد الخطابات النارية للنائب وليد جنبلاط.
وفي مكان آخر من الكافيتيريا، راحت مجموعة من الشبان والشابات تناقش «سيناريوهات» ما بعد رمضان في ما خصّ التغيير الحكومي وحلّ لغز «عيديّة برّي». واستند بعضهم في تحليلاته إلى توقّعات كل من ميشال حايك وسمير زعيتر وتكهّناتهما. كما ناقش بعض الشباب إمكان إلغاء الانتخابات الطالبية لهذا العام، خصوصاً بعد سريان شائعات كثيرة في هذا المجال تقول بإلغاء الانتخابات أو إيجاد صيغة أخرى لها بسبب الوضع السياسي المشحون والمحتقن، إذ إنّ للجامعة تاريخاً طويلاً من المشاكل والتشنجات، كما حصل في العام الدراسيّ الفائت على أكثر من خلفية.
ولم تغب الهموم الأكاديميّة عن النقاشات، إذ أبدى عدد لا يستهان به من الطلاب انزعاجه من تقليص حجم المساعدات المالية. ويعزو هؤلاء قرار التقليص إلى أسباب غير مفهومة. كما بدا البعض متخوفاً على مستقبله في الجامعة، لأنّ الأقساط تتزايد سنة بعد سنة.
يبدو أنّ الحياة الجامعية ستصبح أكثر حماسة في الأيام القليلة المقبلة. ما يعزز هذا القول هو حقيقة أن البلاد مقبلة على استحقاقات سياسية هامة ستنعكس حتماً على الطلاب. كيف لا وهي الجامعة التي تقع على بعد أمتار قليلة من قصر قريطم، معقل قوى 14 آذار.