جوان فرشخ بجالي
افتتح أصدقاء متحف الجامعة الأميركيّة في بيروت سلسلة محاضراته لهذة السنة بتسليط الضوء على «حضارة الهوريين» من خلال الشرح الذي قدّمه البروفسور جورجيو بوسيلاتي (Giorgio Bucellati) عن موقع أوركش الأثريّ. أوركش اليوم هي قرية تلّ مؤذن الصغيرة الواقعة في منطقة «الجزيرة» في سوريا، على مقربة من الحدود العراقية. ويشرح بوسيلاتي أنّه «منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، كانت هذه مدينة المركز السياسي والديني والإداري لسكان هذه المنطقة الذين عرفوا بـ«الهوريين». وحضارتهم هذه لم تنتشر أو تتوسّع كثيراًً في أرجاء المنطقة، بل بقيت على حدود جبال طوروس وكانت تعيش من تجارة معدن النحاس.
وأظهرت الحفريات التي تنفّذها جامعة كاليفورنيا أنّ هذه الحضارة عرفت التمدن والعمران منذ أول العصور، أي قبل 5000 سنة. ويقول بوسيلاتي: «لقد شيّد أهلها قصراً ضخماً، ومعبداً مزوّداً شرفة كبيرة وكانا يرتفعان عدة امتار عن مستوى السهل المحيط بالمدينة، لدرجة أن المعبد «يضاهي» بعلوّه الجبال الواقعة على مقربة منه. وتكمل البعثة عملها حالياً في التنقيب داخل احد القصور الملكية الذي بني على اسم الملك توبكيش».
واللافت أنّ هذه البعثة لا تعمل على حفر الموقع والمحافظة على الأبنية المكتشفة فحسب، بل على تأهيل الموقع للسياحة ايضاً. فقد زود المعبد والشرفة التابعة له والقصر الملكي ما يحتاج إليه من معدات لإنارته ليلاً، وقد عمل علماء الآثار على تغطية الأبنية بـ«سقالات» من الحديد وضع فوقها قماش، وذلك للحفاظ عليها من عوامل الطبيعة. ويشرح رئيس البعثة أهمية هذا العمل قائلاً: «لقد شيّدت كل هذه الأبنية بالطين الذي لا يزال أهالي المنطقة يستعملونه حتى يومنا هذا. لكن الطين بحاجة الى صيانة دائمة ويجب سقف كل الابنية لحمايه الجدران من حر الشمس في الصيف والجليد والثلج في الشتاء. لذا غطّينا كل الابنية بستائر من القماش الملون بحسب البناء وتاريخه». ويؤكد بوسيلاتي أن هذه الطريقة اثبتت نجاحها، فقد اظهرت الدراسات الهندسية لهيكلية الجدران عدم تآكلها.
كميات هائلة من اللقى الاثرية اكتشفت خلال سني التنقيبات على الموقع، وأهمها هي الاختام الاسطوانية او الحجرية التي تظهر مشاهد من حياة الهوريين اليومية. فإذا كان البعض منها يظهر الطقوس الدينية، فالبعض الآخر يخبر عن الملوك والملكات، فيظهر احد الاختام خادمة الملكة وهي تسرّح لها شعرها.
قبل بدء الحفريات في تل مؤذن، كان علماء الآثار يعتقدون بأن اوركش هي مدينة الاساطير ولا وجود لها. لكن عمليات الحفر هذه غيّرت المفاهيم. للمزيد من المعلومات عن اوركش يمكن زيارة موقعها على الانترنت:
www.urkesh.org