أنطون الخوري حرب
فتحت قضية التشكيلات القضائية ملف الحضور المسيحي في الدولة والمشاركة في القرار على مستوى السلطة. ويرى أحد الرؤساء العامين السابقين للرهبنة البلدية المارونية الذي لعب دوراً محورياً إبان الأزمة اللبنانية، أن عملية إبعاد للكوادر المارونية والمسيحية عن مواقع القرار في إدارات الدولة بدأت بعد توقف الحرب الأهلية وتزامنت مع الهجرة الكثيفة للشباب المسيحي.
ويقول الأب نفسه إن هذا الأمر دفع لتشكيل لجنة من الاختصاصيين الذين سبق أن عملوا في دوائر الكسليك، لإعداد دراسة شاملة عن واقع الحضور المسيحي في إدارات الدولة، وإيجاد الحلول الكفيلة بتصحيح الخلل الوظيفي وفقــــاً لقاعدة الديموقراطية التوافقية المتوازنة ومبدأ الـ 6 و 6 مكرر. ولم تكد اللجنة تنجز ملفها حتى فاجأتها قضية التشكيلات القضائية التي رأت فيها اللجنة “امتداداً لواقع استمر منذ العام 1991 وحتى خروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005”، فطلبت من الأب العام مراجعة المعنيين بغية الحؤول دون تمرير هذه التشكيلات إلا بموافقة المرجعيات المسيحية، وبعد زيارة وزير العدل شارل رزق إلى بكركي حيث شرح للبطريرك الماروني نصر الله صفير الآلية المعتمدة في التشكيلات القضائية، اتفقت اللجنة مع رئيسها على الاتصال بكل المرجعيات المسيحية السياسية والروحية بهدف تشكيل مرجعية واحدة من القيادات المسيحية لمواجهة الإجحاف اللاحق بالمسيحيين في الوظائف العامة”.
وعلم من مصادر اللجنة أن المرجعية المنشودة ستناقش مع رئيس الجمهورية إميل لحود وكتلة “التغيير والإصلاح” النيابية والمرجعيات الروحية المسيحية بكل فئاتها، إضافة إلى الرهبانيات المعروفة والشخصيات المسيحية الرسمية في “قوى14 آذار”، مسودة مشروعها التي أنجزت وسترفع نسخة منها إلى السفير البابوي في لبنان لويجي غاتي ويؤكد أحد أعضاء اللجنة أن جميع الذين استطلع رأيهم في هذا الموضوع، وهم من مختلف الفئات والمواقع السياسية المسيحية، أيدوا مشروع المرجعية بحماسة شديدة، وهذا ما يشجع اللجنة على الطلب من المرجعيات الروحية المسيحية حث المسؤولين السياسيين على تلبية الدعوة إلى اجتماع قريب تُناقش خلاله المسودة وتُقر ويُعتَمَد الأعضاء الحكميون في المرجعية.
وإذ يتوقع أعضاء اللجنة أن تكون مهمتها دائمة في ظل الظروف السياسية الراهنة، فإنهم يأملون من رئيسهم الأب العام السابق أن يتابع أعمال المرجعية للتأكد من اعتماد المعايير المنصوص عليها في الوثيقة المحتملة تجنباً لمأزق المحاصصة السياسيــــة والمذهبيـــــة بين أقطاب المرجعية. ولتحقيق هذه الغاية سوف يقترح أحد أعضاء اللجنة إنشاء أمانة ســـــر تكون بتصرف رئيس اللجنة وتسهل عليه إعداد الوثــــــــائق والملفات التوظيفيــــــة في الإدارات العـــــــامة تمهيداً لمناقشتها مع أعضاء المرجعية قبل رفعها إلى رؤساء الطوائـــــف المسيحية للموافقـــــة عليها بحيث يصبح للبيانات التي ستصدر عن هذه المرجعية قوة الالتزام السياسي والمعنوي. أما الملفات التي ستثيرها اللجنة بداية، فتؤكد مصادر اللجنة أن الأولوية اليوم هي للتشكيلات القضائية والتعاقد الوظيفي.