فداء عيتاني
“نعم عدنا لنكون ساحة للصراعات الدولية” يقول احد نواب تيار المستقبل وعلى وجهه أمارات الاسف، ويضيف “ان من يعتقد غير ذلك فهو ساذج”.
يختصر رأي النائب هذا جهدا كبيرا في التفسير: فالحلول الداخلية وان كانت مطلوبة الا انها بمفردها غير كافية في رأيه، فبعد تحولنا الى ساحة للصراعات الدولية لا بد من توافقات دولية للوصول الى حلول داخلية.
يبدأ النائب، الذي يحاول الابتعاد عن الاعلام عادة “لأن لا شيء اضافياً لقوله اعلامياً” بالقول ان الاعلام وحده اليوم هو من يخرق الهدنة غير المعلنة، التهدئة حاصلة على أكثر من صعيد الآن، ان وسائل الاعلام اول من يصعّد وآخر من يهدئ، ويفترض بوسائل الاعلام عامة ان تدرك مدى خطورة دورها وهي في لبنان سلطة فعلية ولها تأثير كبير على الرأي العام، الا انها عامة (ولا يستثني النائب صحيفة مثل المستقبل) تعمد الى توتير الاجواء بين الاطراف، والكل في الاعلام اللبناني يأخذ طرفا من دون التزام الموضوعية.
ومن موضوعية الاعلام الى الموضوعية السياسية التي ينظر النائب من خلالها الى لبنان ما قبل 12 تموز وما بعده، وهو يعتبر ان للبنان ثلاثة انجازات كبيرة قبل الحرب هي: التحرير، الاعمار، والوحدة الوطنية، وهذه الانجازات تبخّرت بعد الحرب، فثمة اليوم أرض محتلة اضافة الى مزارع شبعا، ووصل الاسرائيليون الى مرجعيون ونهر الليطاني، والبلد عامة في حاجة الى اعادة اعمار بكلفة تبلغ 15 مليار دولار (بصرف النظر عن دقة الرقم) وخرج النقاش الداخلي الذي جسد قدرة على التفاهم الوطني، عن طاولة الحوار ليصبح تشنجا وهجمات متبادلة.
في هذا السياق يرى النائب المستقبلي ان الحكومة الراهنة قدمت انجازا كبيرا للبنان عبر القرار الدولي الرقم 1701، اذ اتى القرار بغير ما كان عليه الوضع الميداني ونسب القوى على الارض، ويفسر “التعصب” لبقاء الحكومة الراهنة كما هي.
اضافة الى ما سبق فان الحكومة الراهنة يجب ان تشكل فريق عمل متجانساً، وخصوصاً مع اقتراب موعد باريس 3، وهو الذي يعتبره النائب خسارة للبنان، الذي كان يفترض ان يستضيف بيروت 1، الذي كان سيرسم صورة اقوى لبلاد تتمكن من استقبال الدول المانحة، بدل ان تضطر الى استقبالهم في باريس، وفي كل الاحوال فان مؤتمر مساعدة لبنان في باريس يحتاج الى جسم يتقبل هذه الجرعة من المساعدات وهو هنا الحكومة الراهنة، وفي حال تعديلها وحصول المعارضة على الثلث المعطل فليس أكثر من قدرة المعارضة على تعطيل العمل، والا فما معنى مطالبتها بالثلث.
وحالة التأزم مستمرة حول هذا الملف الداخلي، يقول النائب الذي يعتبر ان البلد عاد ليشكل ساحة صراعات خارجية، ويشير الى اربعة ملفات دولية تخضع حاليا للصراع، وهي الملف النووي الايراني، وسوريا، والعراق، والملف الكوري الذي “قد نجد في يوم قريب حزباً لبنانياً يحصل على دعم من كوريا الشمالية ويحمل لواءها في البلاد”.
والتدخل الدولي لفك حالة التأزم لا يكفي، بل لا بد من الاعتماد على “اجواء حوارية” مع تعطل الحوار وطاولته المستديرة، ووحدها هذه الاجواء الايجابية يمكنها تنفيس الوضع الراهن، وهي تعتمد الى حد كبير على استمرار اللقاءات بين طرفين رئيسيين في الكتلتين المركزيتين في الاحتدام، اي الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل سعد الحريري، بانتظار الوصول الى صيغة جديدة للحوار، سواء حوار بالواسطة او على طاولة واحدة.