صيدا ـــ خالد الغربي
ربما هي «الحيويّة الانتخابية» التي تتميّز بها عاصمة الجنوب صيدا، والتي تجعل من أي استحقاق ديموقراطي سياسي أو نقابي يلقي أوزاره، قبل موعده. فتبدأ قوى المجتمع الصيداوي بتزييت «الماكينات» الانتخابية باكراً، ويضحي الحدث الانتخابي حديث "الصالونات" قبل أن ينتقل الى العامة من الناس.
شهران يسبقان موعد انتخابات رئيس جديد لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا (ينتخب لمدة ست سنوات) وثمانية أعضاء من مجلس الأمناء (المؤلف من أربعة وعشرين عضواً) انتهت مدة ولايتهم. وتشهد عادة انتخابات الجمعية تنافساً حامياً لا يخلو في الكثير من جوانبه من التنافس السياسي العام، وإن كان البعض يحرص على إبقاء هذه الجمعية التي لعبت دوراً تاريخياً في المدينة، صرحاً تربوياً ينحصر مقياس التنافس فيه على أساس الكفاءة وخدمة الجمعية. الجدير بالذكر أنّ القوى المؤثرة في التركيبة المقاصدية هي: تيار المستقبل، تيار النائب أسامة سعد، الدكتور عبد الرحمن البزري، الجماعة الإسلامية، القوى الوطنية، ولا سيما الحزب الديموقراطي الشعبي، والعائلات الصيداوية، فضلاً عن المستقلين.
وتتميّز انتخابات جمعية المقاصد المقرّرة في العاشر من كانون الأول القادم بمجموعة "مستجدات" نقابية وسياسية، ما يعطيها رونقاً خاصاً:
أولا: دخول العنصر النسائي للمرة الأولى الى الجمعية منذ مئة وخمسة وعشرين عاماً، بعدما تم قبل أشهر تحديث النظم الداخلية والسماح للنساء الصيداويات من حملة الإجازات الجامعية بالانتساب الى الجمعية، بعدما كان أمر الانتساب وطوال الحقبة الماضية حكراً على الرجال. إذ ستشارك في عملية التصويت والاقتراع 161 «عضوة» (من أصل 982 عضوا يشكلون حالياً الهيئة العامة الناخبة)، انتسبن أخيراً الى الجمعية (بالنظر الى أن القوانين الداخلية تمنع الترشح للمنتسبين الجدد ذكوراً وإناثاً).
ثانياً: إنها المرة الأولى التي تجرى فيها الانتخابات وقد انفضّ عقد التحالف الذي كان قائماً بقوة بين تيار المستقبل (الذي يسيطر منذ فترة على المفاصل الرئيسة في الجمعية) والجو الذي يدور في فلك الدكتور عبد الرحمن البزري قبل أن يصبح رئيساً للبلدية في انتخابات قلبت "طبيعة" التحالفات رأسا على عقب.
ثالثاً: ازدياد حجم كتلة المستقلّين الذين يعبر عنهم حالياً عضو مجلس الأمناء فؤاد الصلح، والمتناغمة مع الدور الوازن لنادي خريجي المقاصد.
واذا كانت هذه الاعتبارات قد طرأت أخيراً، فاللافت حتى الآن عدم ظهور مرشحين لرئاسة الجمعية باستثناء "الحركة اللافتة" لمدير صندوق الزكاة والمدير السابق لوزارة الاقتصاد محمد راجي البساط، الذي يجمع كثيرون على "مناقبيته" ويأملون أن يكون مرشحاً يحظى بتوافق القوى والفعاليات المؤثرة. وكان قد بدأ سلسلة لقاءات مع هذه القوى بهدف تأييده ودعمه كمرشح توافقي يقف على مسافة واحدة من الجميع، ما يحول دون حصول معركة.
ويشير مراقب "مقاصدي" من كتلة المستقلين الى "المفاجأة" لعملية التنسيب وخصوصاً "الأنثوية" التي جرت بشكل هادئ، وربما "سري"، لمختلف التيارات (بنسب متفاوتة) قبل ثمانية أشهر، بشكل يتيح للمنتسبين الجدد المشاركة في العملية الانتخابية. وهي مسألة لها بعض الإيجابيات لإتاحتها فرصة وصول "تنوع" مقاصدي. ويبدي هذا المراقب ملاحظاته على طريقة تعديل بعض القوانين (في إشارة الى تنسيب النساء) لأن التعديل مناط فقط بالهيئة العامة.
وعلم أنه تم فصل العديد من الأعضاء لعدم دفع اشتراكاتهم، وتراكمها منذ سنين، وعدد هؤلاء مرتفع الى حد ما.
وتتكوّن الهيكلية التنظيمية في الجمعية، فضلاً عن الهيئة العامة، من مجلس أمناء ينتخب من الهيئة العامة، ومجلس إداري يُنتخب رئيسه وأعضاؤه السبعة من هيئة مجلس الأمناء.
وأدّت المقاصد دوراً بارزاً في الحياة السياسية والوطنية والقومية، ومنها تخرّج العشرات من الرؤساء والزعماء والقادة والمفكرين. كما انطلق منها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، العديد من الجمعيات والمنظمات التي تساند القضايا العربية وقضية فلسطين.