غسان سعود
خلال الحقبة الماضية، وقّع يوسف بشراوي، طالب إدارة أعمال في جامعة الحكمة، ورقة في أحد مراكز استخبارات الجيش اللبناني، تعهّد فيها بوقف نشاطه السياسي خارج الجامعة. وأمس، دخل يوسف إلى جامعته، وفوجئ بتعميم إداري يطلب من الطلاب «الامتناع عن ممارسة أي نشاط حزبي أو سياسي داخل حرم الجامعة»
صدر تعميم في جامعة الحكمة يمنع النشاطات السياسية داخل الحرم الجامعي، ويحرّم وضع الإعلانات من أي نوع كان على الجدران، من دون إذن من رئيس الجامعة. حجّة الانتهاك الجديد للحياة الطالبية هي الحفاظ على النظام، إثر التشنجات التي شهدتها الجامعة في الأيام الماضية. وهي تشنّجات لا تجد متنفّساً لها بعدما منعت الإدارة خلال السنوات الثلاث الماضية إجراء انتخابات طالبية، على رغم أنّ نظام الجامعة ينصُّ على وجود هيئة طالبية منتخبة.
وفي تفاصيل «حرب» الحكمة، وزع شباب التيار الوطني الحر، قبل أسبوع، كتيّباً من سبع أوراق عنوانه «إلى أين؟» عرضوا فيه مواقف النائب وليد جنبلاط منذ 28 آذار 2005 حتى اتّهامه الأخير لحزب الله بالشمولية. واستند الكتيّب إلى أرشيف جريدة «المستقبل». وبعد بضعة أيام، وزّع شباب الحزب التقدّمي الاشتراكي بياناً عنوانه «إلى الدولة من الساحة المستباحة...». وجاء في مقدّمة البيان: «الدماء ثم الدماء ثم الدماء. ولم يشبع مصّاص الدماء. أجرم كثيراً وجاء من يعتز بإجرامه، وتفاهم عبر ورقة مع الذي اعتز به. هذه هي حال النظام السوري وحزب الله وميشال عون...». وتابع البيان مبرّراً مواقف جنبلاط: «تحدّث وليد جنبلاط عن حماية الخاصرة السورية ولم يتحدث عن حماية خاصرة القاتل. تحدث وليد جنبلاط عن حماية سلاح موجه فقط نحو العدو، ولم يتحدث عن حماية سلاح يعتز ويتحالف مع نظام يقتل القيادات ويدمّر الوطن». واسترسل البيان في تهجّمه على العماد عون: «فهو بقي ثابتاً في أحلامه تجاه الكرسي على رغم تقدم السنوات غير آبه باستكمال انتفاضة الاستقلال، فتفاهم حيناً على ورقة انتهت صلاحيتها صباح 12 تموز، وشتم أحياناً قيادات وطنية، سيادية، وتوتر على الدوام...».
استفزّ البيان العونيين. حصل إشكال صغير، سارع بعده طالبان من التيار إلى الجلوس في الكافيتريا لصياغة ردّ. لكنّ المسؤول عن الأمن في الجامعة، السيد سمير عساكر الذي يتّهمه طلاب التيار بتأييد القوات اللبنانية، تدخّل وتوجّه إلى العونيّين بالقول «إن توزيعهم أي رد سيؤدي إلى طردهم». وفجأة دخل إلى الكافتيريا أحد الطلاب الاشتراكيين حاملاً زجاجة بيد، ومنفضة حديدية باليد الأخرى. تدخّل مندوب التيار خليل كساب، محاولاً إيقاف الطالب الاشتراكي، فوقع تدافع وضرب كانت محصلته إصابة أكثر من خمسة طلّاب بجروح.
استدعي الطلاب لاحقاً إلى مكتب مدير الجامعة الذي أحال الطالبين كسَّاب وبشراوي على المجلس التأديبيّ. وهكذا انتهت حرب البيانات بعصيّ وحجارة، وأربعة جرحى، ومثول طالبين فقط أمام المجلس التأديبي. أما القوات اللبنانية، فالتزمت الحياد، بحسب مندوبها توفيق جعجع، وسعت إلى تهدئة الأجواء على رغم أن «حلفاءنا كانوا طرفاً، وكان يفترض بنا أن نساعدهم».
لكن بصرف النظر عن الإشكال، يتوافق التيار والقوات والاشتراكيون اليوم على رفض تعليق النشاط السياسي في الجامعة، ويزايدون على بعضهم في هذا السياق. وفيما يؤكّد القوّاتيّون أنّ حضورهم القويّ في الجامعة ظهر في آخر انتخابات جرت قبل قرار الإلغاء والحل، يقول العونيون إن تأييد الأطراف الأخرى لإجراء الانتخابات وهمي، وخصوصاً أن التيار سيفوز بأكثر من ثمانين في المئة من مقاعد الهيئة الطالبية.
وينص نظام الهيئة الطالبية في الحكمة على اجتماع الهيئة الناخبة بناءً على دعوة رئيس الجامعة، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 20 تشرين الثاني و20 كانون الاول لانتخاب مجلس المندوبين الذي يتألف من مندوبي الطلاب على أساس سنوات الدراسة في الاجازة والدراسات العليا. وللمجلس صفة تمثيلية، إذ يمثّل الطلاب أمام الإدارة وذلك من خلال اللجنة التنفيذية التي ينتخبها، والتي يقع ضمن صلاحياتها حق الاتصال بالإدارة والطلاب للتنسيق والتباحث في مختلف المواضيع، شرط ألا تطال القضايا الأكاديمية. ويحق للمجلس إقامة ندوات ونشاطات ثقافية وعلمية واجتماعية ورياضية وترفيهية، بالتنسيق مع الادارة الجامعية، إضافة إلى إصدار مطبوعات أو منشورات طالبية توزع بموافقة الادارة الجامعية، وكذلك تمثيل الطلاب في الهيئات الطالبية مع سائر الجامعات.