راجانا حميّة
طالب وموظّف في آن واحد... معادلة جديدة دخلت حيّز التنفيذ الأكاديمي في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا (AUST)

حلمت ليال مخيبر بمتابعة دراستها في جامعة “عريقة”، لكنّ الوضع المادي لم ينصفها لتحقيق الحلم، ولم يبقَ أمامها سوى التفتيش عن جامعة أخرى بالمستوى نفسه وبأقساط مريحة. بحثت ووجدت نفسها عاجزة. تراجعت، وبقيت معادلاتها خاسرة. فإمّا القبول “بالشروط على صعوبتها” وإمّا العمل والدراسة معاً. فضّلت الاحتمال الثاني حتّى لا تغرق نفسها بمتاهات “الديون”. ثمّ تعرّفت إلى “مكتب توظيف الطلّاب في الـAUST”، فعُدّل بعض مشاريعهاليال ليست وحيدة في ذلك. هناك أيضاً زينة ضو، أنطوان بجّاني، مازن سباعي، سهيلة السيّد و600 آخرون ممّن خبروا التجربة. الرقم ليس خياليّاً، إذ يشير مدير العلاقات العامّة في الجامعة طوني أبي نجم إلى أنّ “أكثر من 90% من طلّاب الجامعة يتّبعون هذا النظام، وهذا ما يمكن إدراجه ضمن الإطار الطبيعي، خصوصاً لمن يدفع سنويّاً أقساطاً بحدود 8 آلاف دولار”.
يؤمّن مكتب التوظيف في الجامعة العمل لما نسبته “70% ممّن يقصدونه من الطلّاب، أمّا النسبة الباقية فتعمل عن طريق جهات أخرى يمكن أن تكون الأصدقاء أو إعلانات الصحف”. وتتولّى مديرة مكتب التوظيف في الجامعة لميس الأمين تأمين العمل للطلّاب، ولا يقتصر عملها على حدود الطلّاب المسجّلين في الجامعة، إذ ترصد حيّزاً مماثلاً للمتخرّجين أيضاً عبر الاتّصال مباشرة بهم أو إرسال بريد إلكتروني “دوريٍّ” يتضمّن معلومات عن وظائف تتعلّق باختصاصاتهم.
وتقيم لهذه الغاية “شبكة علاقات مع شركات تتلاءم وظائفها مع اختصاصات الطلّاب، ومعظمها من المشاركين في معرض المهن “Job Fair” الذي تحرص الجامعة على إقامته منذ خمس سنوات”، إذ تمكّنت الجامعة من توسيع شبكة العلاقات لتشمل هذه السنة “أكثر من 120 شركة”.
تتقصّى الأمين عن حاجة هذه الشركات لموظّفين جدد “براتب معقول ومواصفات معيّنة تتعلّق بدوام العمل، الاختصاص، اللغة...”. وتتألّف شبكة “مراسليها” من “سبعة عناصر، أربعة منهم خارج الجامعة يجولون على الشركات ويحدّدون الشاغر من الوظائف، وثلاثة منهم “داخلي” في القسم الإداري المخصّص لاستقبال الطلاب والطلبات وإعداد السيرة الذاتية”.
تقسّم الأمين الوظائف حسب الاختصاصات، وتعممها “بين الطلّاب، إما بتعليق الخبر في حرم كل كليّة أو إرساله عبر البريد الإلكتروني للمسجّلين في المكتب”.
من هنا بدأت الرحلة الفعلية لسهيلة السيّد، طالبة إدارة الأعمال. لم تحتج الشابّة كثيراً للوصول إلى المكتب. كان اليوم الأول في الجامعة كافياً لإعداد السيرة الذاتيّة وإيداعها في المكتب للحصول على “وظيفة معقولة وبدوام جزئي”. ردّ لميس كان بالسرعة ذاتها، فـ“بعد يومين من زيارة المكتب، طلبت منّي إرسال “CV” إلى مؤسّسة “Pain D ــ or». بعد ثمانٍ وأربعين ساعةً أخرى “بدأت العمل، واستمررت فيه حتّى التخرّج، توقّفت قليلاً ثم عاودت نشاطي مع المكتب الذي أمّن لي أخيراً عملاً في عيادة طبيب”.
زينة ضو لم تكتف بوظيفة المكتب، وحاولت استثمار “الوقت الباقي” بوظيفة أخرى “تكون قريبة من اختصاصي في المعلوماتية الإدارية”، ولذلك تستعين في أحوال كثيرة بـ“الوسيط وبعض الرفاق لإيجاد شيء يساعدني إلى جانب عملي الحالي”.
يشكر أحد الطلاب مديرة المكتب على اهتمامها، لكنّه لم يعمل يوماً “عن طريقه، وذلك بسبب عدم مراعاته في أحيان كثيرة للدوامات، ومطلبي الوحيد أن ينتزعوا من حساباتهم الدوامات الطويلة”.
تعليق هذا الطالب لم يعجب أبي نجم الذي سارع إلى التوضيح: “عند تضارب الدوامات، يعود القرار للطالب، فإمّا أن يترك الفصل أو يكمل، ولكن الأولوية بالنسبة لنا للخيار الثاني”.
ريما هي ممّن سلكوا الخيار الثاني، فاكتفت بالعمل “عن طريق المكتب في الجامعة مقابل الحصول على حسم 25% من أقساطها الجامعية”. عملت لفترة سنة واستنتجت بعدها أنّ “الاستغلال” كان سيّد الموقف، وتبيّن لها أن “كل ساعة شغل مقابل نصف دولار، أي ما يعادل حسم 100 دولار على سنتها الجامعية كاملة، في الوقت الذي يحصل فيه الطالب في جامعات أخرى على 6 أو 10 دولارات في الساعة، وقصّة الحسومات مجرّد كلام، والدليل أنّ بعض الأشخاص “المدعومين” يحصلون على 50% حسم على الأقساط دون تعب”.