تودّع دير القمر بعد ظهر اليوم واحداً من أبناء دوحة البساتنة الذي عمل في الظل، صامتاً لسنوات، صانعاً لقرارات بعضها طبع مصير لبنان. زاهي البستاني (59 عاماً) غيّبه الموت صباح الثلاثاء بعد صراع مع المرض استمر خمس سنوات كتمه عن أسرته وأصدقائه. وكما عمل على ملفاته الأمنية والسياسية، كان مرضه ملفاً بين يديه يتابعه في باريس قبل أن يقرر العودة الى بيروت ليكون قريباً من عائلته. مفوض عام في الأمن العام في أيلول 1972، ثم رئيس شعبة في دائرة الاستقصاءات عام 1974، قبل أن يتسلم السنة التالية الفرع الثاني الموازي للشعبة الثانية في الجيش حتى كانون الثاني 1976.كان أحد اثنين صنعا رئاسة بشير الجميل عام 1982. والآخر كان مدير المخابرات العقيد جوني عبده. جمعته ببشير منذ عام 1977 صداقة متينة أحالته كاتم أسراره والأكثر اطلاعاً على المعلومات لدى قائد «القوات اللبنانية». كانت المعلومات سره، منافساً جدياً لجوني عبده في المواجهة بين الجيش والقوات قبل أن يصيرا صديقين وعرّابي مشروع «وصول المقاومة الى الحكم» بقيادة بشير. بعد اغتيال بشير عُيّن مديراً عاماً للأمن العام (من 11 كانون الأول 1982 حتى 10 نيسان 1984) ثم استقال بعد انهيار عهد الرئيس أمين الجميل عامي 1983 و1984. عرف الرئيس الراحل رفيق الحريري، وكان صلة وصل حققت أول لقاء بين الحريري وسمير جعجع في دارة جوني عبده في جنيف عام 1985. عام 1988 زار دمشق سراً وفتح حواراً مع القيادة السورية باسم القوات اللبنانية توصلاً الى تحقيق تفاهم الحد الأدنى مع سوريا على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون جزءاً من معادلة جديدة في العلاقات بين الطرفين. وسرعان ما أخفق الحوار عندما لمس أن دمشق تفضّل أن تناور بترشيح الرئيس الراحل سليمان فرنجية. عام 1989 لزم قبرص مع فريق عمل الحريري، متابعاً عن قرب اجتماع النواب اللبنانيين في الطائف. لزم الصمت باستمرار، مبتعداً عن الإعلام. لم يكتب، وذهب بكثير من أسرار كانت حقائق مرحلة.
(الأخبار)