فاتن الحاج
يعود تلامذة المدارس الرسمية اليوم بعد عطلة عيد الفطر، وسط تأخير في تأمين الكتاب المدرسي المجاني ونواقص كبيرة في المراحل كلها. وفيما يتكبّد الأهالي مشقة الذهاب والإياب إلى المكتبات، يَعِد الملتزم بالطباعة بإغراق السوق خلال يومين. ومع ذلك يستبعد كثيرون انتظام العملية التعليمية قبل انتهاء الدورة الثانية للامتحانات الرسمية التي ستؤدي إلى توقيف الدروس في بعض المدارس والثانويات من 28 الجاري حتى 6 تشرين الثاني المقبليقصد حيدر من الشويفات مكتبة أنطوان في الحمراء للمرة الثالثة، ويعود أدراجه من دون أن يُوفَّق بكتب ابنته في الصف الثانوي الأول. وكانت مكتبات عدة في الضاحية قد رفضت تسليمه أي كتاب من دون الحصول على «ضمانة» الدفع من الدولة على حد تعبيره. ووصل الأمر بحيدر إلى حد القول إنّه أخطأ حين فكّر بتسجيل ابنته للسنة الأولى في مدرسة رسمية، بعدما ضاقت به الحال بفعل العدوان. «فالوضع ينطوي على كثير من «الذل»، وقد يكون ما دفعه حتى الآن من مصاريف يوازي ثمن الكتب نفسها».
أما محمود قاسم فخشي من بقاء أولاده في المنزل بعد العطلة بسبب عدم تأمين أي كتاب لصفي التاسع أساسي والأول ثانوي ــ القسم الفرنسي، علماً بأنّ الجواب الوحيد الذي حصل عليه خلال هذين الأسبوعين «بدّك تطوّل بالك».
ومع أنّ المعاناة اختلفت من شخص لآخر تبعاً للمراحل والمواد الدراسية، فإنّ النواقص كثيرة والكتب لا تزال تحت الطبع، كما يقول خليل منيمنة ( مكتبة سعيد)، فلا يتم تأمين سوى 5% من «الطلبية». أما السبب فيعود برأيه، إلى عدم تحسب الناشر الجديد (مكتبة لبنان ــ ناشرون) للإقبال الكبير على الكتاب المدرسي المجاني، وبالتالي لم تطبع الكميات المطلوبة، فكانت أن نفدت الكتب منذ الأسبوع الأول لوضعها في السوق. ثمّ إنّ أسعار كتاب المركز التربوي انخفضت هذا العام بنسبة 20% لمرحلة التعليم الأساسي و30% للتعليم الثانوي، ولم يتعدّ سعر أي كتاب 11 ألف ليرة لبنانية. من هنا تهافت تلامذة المدارس الخاصة، بحسب منيمنة، على الكتاب الجديد دون المستعمل، وهذا ما ساهم في تعزيز النواقص. ويوضح منيمنة، من جهة ثانية، أنّ «آلية تسليم الكتاب المجاني تريحنا حتى الآن لكون التعامل لا يزال مع الأهالي، ولا نعرف ماذا سيجري وإذا كانوا سيتأخرون في الدفع، لا سيما أنّه يطلب منّا تسديد المبالغ للناشر نقداً».
في المقابل، أحدثت الآلية ارتباكاً في صفوف الإدارات بعدما تطلّب تنفيذها فريق عمل متكاملاً، خصوصاً في المدارس الكبيرة. وأوجبت العملية ملء مئات الاستمارات (كل استمارة عبارة عن صفحة كاملة)، فيما أصرّت المكتبات على وجود ختم المدرسة على لائحة الكتب، علماً بأنّ هذا الأمر غير ملحوظ في الآلية. وتشرح مديرة ثانوية فخر الدين الرسمية للبنات عدلا سبليني زين، كيف كان ولي الأمر ينتظر من الثامنة صباحاً حتى الواحدة ظهراً للحصول على القسيمة. وكان في الإمكان تسليم القسيمة للتلميذ بدلاً من تعطيل والده يومين عن العمل، على أن يتولى هذا الأخير إحضار الكتب من المكتبة. وتؤكد زين أنّ قسماً من الأهالي استغنوا عن العملية ولجأوا إلى شراء الكتب، بدليل أنّ جزءاً لا بأس به من الاستمارات ما زال في الثانوية ولم يسألوا عنها.
وفيما تتحدث زين عن بداية متعثرة للعام الدراسي مع تأخير تأمين الكتاب المدرسي وخصوصاً لصفوف الثانوية العامة، يلفت رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب إلى «أننا ندرّس تلامذتنا في صفوف الشهادات الرسمية على الدفتر ومن دون كتاب وهذا غير مقبول». ويعزو غريب التأخير إلى عدم الإسراع في تنفيذ الإجراءات العملانية الضرورية لتسيير العام الدراسي، و«المسؤولون في الوزارة يتحملون المسؤولية الأساسية في هذا الصدد». كما يحذّر من أن يؤدي التأخير إلى حرمان بعض التلامذة من حقهم في الكتاب المجاني.
أما في المديرية العامة للتربية فهناك رأي آخر، فالملتزم طباعة الكتاب المدرسي، كما يقول المدير العام وائل التنير، يعمل ليلاً ونهاراً وسيغرق السوق خلال اليومين المقبلين، بناء على تعليمات وزير التربية. ويشير التنير إلى تلكؤ البعض، لظروف مختلفة، في طلب الكتاب منذ بداية الطباعة وإقبال الجميع على الكتاب ــ الهدية دون المستعمل، الأمر الذي سبّب ضغطاً كبيراً.