غسان سعود
لم تأت دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى العماد ميشال عون لزيارة السعودية من فراغ، بل هي حلقة ضمن تغيير في الخارطة الدولية، يتبلور يوماً بعد يوم، مع اقتراب موعد التغيير الرئاسي في فرنسا، وازدياد الاهتراء في العراق، ورحيل رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير من منصبه. والدعوة السعودية تعبّر عن مزاج عربي عام، كشف عنه أخيراً أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، عبر كلامه عن احترام العماد عون وتقدير مواقفه.
من هذه النقطة، ينطلق مصدر نيابي في "تكتل التغيير والإصلاح" ليشير إلى إيجابية الأيام المقبلة، مع السعي الدولي الى تنفيس الاحتقان وارتباك قوى الأكثرية.
ومن دون الدخول في التفاصيل، يؤكد المصدر ترحيب "التكتل" بالمبادرة التي أطلقها الرئيس نبيه بري، ويعتبرها مكمّلة لمواقف سبق للتيار الوطني الحر أن طرحها للنقاش. ويحذر في الوقت نفسه، من أن مواقف "الأكثرية" التي تندرج تحت عنوان واحد هو "الموافقة... ولكن"، تكشف إصراراً غير معلن على إدخال تعديلين أساسيين على جدول أعمال التشاور، هما رئاسة الجمهورية، وسلاح "حزب الله". ويستغرب "التكتل" في المقابل، وصول مسودة مشروع المحكمة الدولية إلى رئيسي المجلس النيابي والحكومة وبعض الوزراء، من دون أن تصل الى رئيس الجمهورية، في محاولة مكشوفة لوضعه أمام الأمر الواقع عند طرحها على طاولة مجلس الوزراء.
وفي موازاة انشغال نواب "التكتل" بالتحضير للمبادرة التي ينظرون إليها بإيجابية، يُعِدُّ البعض منهم، وفي مقدمهم النائب إبراهيم كنعان، مذكرة تُفصِِّل الوضع المسيحي، وتظهر إلى العلن تفاصيل مخفية، سوف تُرفع ليوافق عليها البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير والأطراف المسيحية الأخرى.
ويؤكد كنعان أن أولويات البطريرك هي إقرار قانوني الانتخابات النيابية واللامركزية الإدارية، اللذين سيكونان في رأس سلم أولويات "تكتل التغيير والإصلاح"، بعد تحقيق حكومة الوحدة الوطنية المطلوبة. وقد يقوم العماد عون، خلال الأيام المقبلة، بزيارة إلى بكركي، أسوة بما كان يحصل قبل جلسات الحوار السابقة وأثناءها، حين كان "التكتل" يحرص دائماً على إطلاع البطريرك على تفاصيل النقاشات. وتوضح مصادر "التيار" أن خط سير الرابية ــــ بكركي سيشهد ازدحاماً برتقالياً لاستكمال التنسيق ودحض الشائعات المبثوثة في هذا المجال. ويقول كنعان «إن الحديث الأكثري عن نية تعطيل مسار «ثورة الأرز»، يدفع الى السؤال عما بقي من هذه الثورة بعد الاتفاق الرباعي». ورأى أن ما عطل سعي اللبنانيين الى التغيير ليس الثلث المعطل، غير الموجود أصلاً، بل "الأكثرية المعطلة". وأكد كنعان أن التكتل سيطرح قريباً قضايا لم يعد يجوز التستر عليها، وأبرزها ملف قانون الانتخابات، التجنيس، الموازنة التي لم يعلن عنها منذ ثلاث سنوات، إضافة إلى الحل السياسي الذي يتحدث عنه البند العاشر من القرار 1701.
من جهة أخرى، وبشأن ما إذا كان التحرك المطلبي في الشارع قد عُلق التلويح به في انتظار تبلور موقف واحد لقوى المعارضة، فإن "تكتل التغيير والإصلاح" يتجه في الأيام المقبلة، نحو تعزيز اتصالاته بالأطراف الأخرى القريبة منه، لتنظيم حركة برلمانية سياسية، تثير قضايا تهم الرأي العام. وكشف النائب سليم سلهب أن "التكتل" اتخذ قراراً قبل بضعة شهور بتوزيع المهمات على أعضائه، ومتابعة الملفات المختلفة. وأكد سلهب أن افتتاح العقد البرلماني، وأهمية الملفات التي أعدها "التكتل"، سيُمكّنانه من تكريس صدقيتة لدى الرأي العام.