نادر فوز وراجانا حمية
حملت أمطار الشتاء انتصاراً جديداً للتيار الوطني الحر وتكتّل المقاومة الذي يضم حزب الله والحزب الشيوعي وتيار المردة وحركة أمل، وذلك في مجمّع «هوفلين» للجامعة اليسوعية. كما حمل هذا اليوم الانتخابي حقيقة الأزمة السياسية التي انعكست داخل حرم الجامعة عبر سلات المهملات والركائز الحديدية للوحات الإعلانية والزجاجات الفارغة.
جاء النهار الانتخابي في مجمّع «هوفلين» الذي يضم كليات إدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية والعلوم السياسية والحقوق، هادئاً تماماً حتى إعلان نتيجة رئيس الهيئة الطلابية في «إدارة الأعمال» التي تضم 1235 طالباً، والتي كان الصراع الانتخابي فيها محتدماً، إذ تعادل كل من الطرفين بعدد ممثلي السنوات ليأتي الحسم عبر رئاسة الهيئة. فجاء فوز مرشح «التيار» إدمون المر نكسةً كبيرةً لمؤيدي القوات اللبنانية الذين بادروا إثر سماعهم شعارات الحلف الآخر إلى رشق سلات المهملات واللوحات الإعلانية داخل الجامعة، إضافة إلى زجاجات المياه. لكن الأمور ما لبثت أن هدأت بعدما تم إخراج القواتيين من إحدى بوابات الجامعة، فيما خرج المنتصرون من البوابة الأخرىولم يمنع سوء الأحوال الجوّية الطلاب من الوجود باكراً في الجامعة، إذ كانت مباني الكليات الأربع تكتظ بمناصري كل الأحزاب والمرشحّين. وكان لافتاً هذا العام الانقسام الحاد بين قوى 14 آذار من جهة، وتحالف التيار الوطني الحر وتكتّل المقاومة من جهة أخرى، فاختلط الأرجواني بالأصفر والأحمر و«أخضر الحركة» و«المردة».
الشعارات التي أطلقت كانت حزبية بحتة. فانقسمت الساحة التي تربط كلية العلوم السياسية والحقوق بكلية العلوم الاقتصادية بين الطرفين، بحيث احتضن طرف «الاقتصادية» أنصار التيار و«التكتل»، فيما تجمّع طلاب 14 آذار بالقرب من «العلوم السياسية والحقوق». حضر «وليد بيك» و«أبو بهاء» و«الجنرال عون» و«الشيخ سعد»، وغيرهم من الزعماء. «طاق طاق طاقية حزب وحركة وعونية» أشعلت الأجواء في هوفلين، فردّ الآخرون بـ«قوات مستقبل اشتراكية»، بعدها تتالت الشعارات حتى طاولت المعنيين الحقيقيين بالانتخابات، فهتف الطلاب بأسماء بعض المرشحين لرئاسات الهيئات في الكليات.
وليس بعيداً من هذه الأجواء، كان بعض المرشحين يجلسون على مداخل قاعات الاقتراع. منهم من كان يتحمّس ويبتسم لدى وصول زملاء له، ومنهم من كان يكتفي بالوجود في حرم كليته.
سارية فرنسيس (سنة ثانية ــ علوم سياسية)، المرشحة عن الحزب الشيوعي اللبناني، ضمن تكتّل المقاومة، تنقلّت بين المكانين. تحدّثت عن الشائعات التي تطاولها، من اعتبارها معادية للمسيحيين أو من عبدة الشيطان... وفي ناحية أخرى، أنيس نصر، المرشح إلى رئاسة العلوم السياسية، كان يصرّ على استقلاليته التامة عن أي حزب أو تيار في تنافسه مع فيليب زخّور مرشح 14 آذار.
وعند الساعة الثالثة، وزع بعض طلاب التيار الوطني الحر بيان شكر للطالب علي صافي الأمين لسحب ترشّحه عن أحد مقعدي السنة الثانية في الحقوق، ليسمح ذلك بفوز كل من ميشال تويني وهاني غمره بالتزكية.
بسط التيار الوطني الحر سيطرته على «هوفلين» من جديد. ظهر الحزب الشيوعي للمرة الأولى بمرشحين وأحرز مقعدين. خرق حزب الله وحركة أمل الهجمة الطائفية عليهما، وانكسرت قوى 14 آذار في الجامعة.
«الطبيّة»
استحوذ «التيّار الوطني الحرّ» على الهيئة الطالبية في العلوم الطبيّة ـــ الجامعة اليسوعيّة، رئاسةً وأعضاءً، محرزاً بذلك «نصراً إضافيّاً» لما حصل في فروع «العلوم الاجتماعية»، مع فارق وحيد أنّ الأجواء تميّزت بالهدوء التام، من دون شعارات أو علامات «فارقة» أو حتّى بيانات «حزبيّة»، كون المنافسة مقتصرة على «المشاريع الطالبية» دون السياسة.
ولم تكن النتيجة مفاجئة، فالمعركة الانتخابية في «الطبّية» كانت محسومة منذ ساعات الصباح الأولى كون معظم المرشّحين للمنصب «الرئاسي» في كلّيتي الصيدلة والعلاج الفيزيائي...«عونيين» نزلوا الجولة تحت غطاء المستقليّن، وأعلنت نتيجة العلاج الفيزيائي بفوز لوران بدوي «العوني» بـ45 صوتاً مقابل 20 لمرشّح «تيّار المستقبل» طارق غربال حسمت من الجولة الأولى، فيما استدعت انتخابات الأعضاء جولتين، الأولى أسفرت عن فوز أربعة مرشّحين من لائحة «لأنّنا مختلفون»... «المستقلّة» (زياد مراد «تيّار عوني»، أنطوان رزق «قوّات»، كلوويه قماطي «مستقلّة جدّاً»، أمال حلواني «تيّار مستقبل»)، والثانية انتهت بفوز المرشّح المنفرد جيرار جرمانوس «العوني» على مرشّحة «لأنّنا مختلفون... الاشتراكيّة» تمارا حسن بفارق ثمانية أصواتالجو «العوني» سيطر أيضاً على انتخابات كليّة الصيدلة، وخصوصاً أنّ المرشّحين للرئاسة، أحدهما «عوني» والثاني «يميل إليه»، وأسفرت النتيجة عن فوز تالا موساسيان «رئيسة» بـ196 صوتاً وبفارق 83 عن طانيوس شلالا.
ولم تقف النتيجة عند هذا الحدّ، إذ إنّ الهيئة الطلّابية في كليتي الطب وطب الأسنان هي الأخرى «عونيّة»، غير أنّ انتخاباتهم لم تجر بالأمس بسبب «التوقيت فقط». ويشير رئيس الهيئة الطلّابية في كلّية الطب هامبيغ كوريّة إلى «أنّ انتخابات الطب تجرى عادة في شهر شباط ولكن قرار الإدارة بحصر الانتخابات في الفروع كافّة بهذا التاريخ حال دون إجرائها هذه السنة في كليّتنا، فمُدّد للهيئة الحالية لغاية تشرين الأول من السنة المقبلة»، وعن هويّة «أفراد» الهيئة، يقول كوريّة «الكل عونيّة».
العونيون حاضرون أيضاً في طب الأسنان «في الرئاسة وبعض الأعضاء». هذا ما يشير إليه رئيس الهيئة بيار لحّود، مع الإشارة إلى أنّ انتخاباتها تُجرى مع نهاية العام الجامعي. وقد جرت العادة في «الطبّية» أن تقتصر الانتخابات على «انتخاب رئيس الهيئة فقط الذي يقوم بدوره بعد فوزه باختيار الأعضاء بناءً على الكفاءة»، وتُستثنى من هذه القاعدة «كلّية العلاج الفيزيائي» التي استبقت تغيير القانون وانتخبت للمرّة الأولى الهيئة كاملة رئاسة وأعضاء.
لمنصورية... زحلة وطرابلس
مرشّح التيّار الفائز بالرئاسة في كليّة الهندسة إيلي أبو شبل لم يخرج بعد من صدمته، كون «التيّار للمرّة الأولى منذ 4 سنوات يحقّق فوزاً كاسحاً».
النتيجة كانت بحاجة إلى الاحتفال بما فعله «التسونامي»، وهكذا كان. تجمّع مناصرو التيّار وبدأوا بترداد الشعارات مطالبين بـ«صب مفتاح جديد لبوّابة لبنان» ودفن «بقايا المفتاح القديم في عنجر»، اللّهم إلاّ إذا فكّر «سعد الحريري بالرجوع»، فكرة الرجعة استفزّت مؤيدي «الحريري»، فخرجوا من الحرم مردّدين «الله... حريري... طريق الجديدة».
وفي النتائج، فاز إيلي أبو شبل برئاسة الهيئة من الجولة الأولى بفارق 60 صوتاً عن منافسه القوّاتي، وبالنسبة إلى الأعضاء، انقسمت إلى جولتين، في الأولى فاز التيّار بـ3 والقوّات 2 والمستقليّن 2 فيما بقي 2 للتيّار و2 للقوات إلى الجولة الثانية.
وفي كلّية العلوم، فاز إيلي لطّوف «المستقل» والمدعوم من «التيّار» برئاسة الهيئة من الجولة الأولى. وبالنسبة إلى أعضاء الهيئة الـ14، حصل العونيون على 9،و«المستقلّون» على 4، و«القوّاتيون» على مقعد واحد.
وفي زحلة، فاز «التيّار» بانتخابات كلّيتي التمريض وإدارة الأعمال وجاءت النتيجة على الشكل التالي «سالي سعادة ونديم سلامة (تيّار)، زينب مذبوح (حزب الله). وربى التن وانطوان ندّاف (تيّار) وسعد بو شاهين (مدعوم من التيّار).
وتوقفت انتصارات التيّار في طرابلس حيث حصل مع حلفائه على أربعة مقاعد من أصل 11، وحصلت لائحة 14 أذار على 7 مقاعد بما في ذلك الرئيس، وحصلت لائحة شباب العزم (ميقاتي) على مقعد واحد.
نتائج الانتخابات في حرم العلوم الاجتماعية (هوفلين)
نال التيار الوطني الحر في «هوفلين» خمسة عشر مقعداً، وحصدت القوات اللبنانية ستة مقاعد، والحزب الشيوعي مقعدين، والكتلة الشعبية مقعداً، وذهبت ثمانية مقاعد لطلاب مستقلين (عدد منهم مدعوم من تحالف التيار وتكتل المقاومة). وجاءت النتائج على الشكل التالي:
لقطات
غير أنّ الخدعة لم تنطلِ على أيّة واحدة منهنّ كون «عروضات التيّار كانت أكثر إثارة... رئاسة وعضويّة وماكياج وشامبو!».