جورج شاهين
كشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عقد يوم السبت الفائت سلسلة من الاجتماعات الأمنية منذ الصباح وحتى ساعة متقدمة من الليل، وشملت «بالمفرق» نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع إلياس المر، ووزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت، وكلاً من قائد الجيش العماد ميشال سليمان، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، المدير العام لأمن الدولة العميد إلياس كعيكاتي، المدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني، الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء سعيد عيد، ورئيس فرع المعلومات المقدم وسام الحسن وكبار المعاونين، وخصصت للبحث في الوضع الأمني من جوانبه المختلفة.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الأخبار» إن السنيورة بدا قلقاً للغاية جراء المعلومات التي تتحدث عن توتر أمني مرتقب على الساحة اللبنانية بعدما وصلته من أكثر من مصدر محلي وإقليمي ودولي، بالإضافة إلى الأجواء التي تتحدث عن النزول إلى الشارع، كما يهدد حزب الله والتيار الوطني الحر، وعن الساحات التي يمكن استخدامها للتعبير عن وجهة نظرهما، والحديث المتنامي عن الوصول إلى مرحلة العصيان المدني والإقفال التام للمناطق.
وفي المعلومات أن السنيورة بدا خلال لقاءاته مصراً على التدقيق في هذه المعلومات ومصادرها، جاهداً في إجراء القراءة السياسية والأمنية للمعطيات المتوافرة والدوافع التي تقود إليها، في مرحلة بذل فيها الكثير من الجهود المضنية لتجاوز هذه المطبات الأمنية، وفي وقت أعطيت فيه الأجهزة الأمنية الكثير مما طلبت من القيادات السياسية والحكومية، رغم الدعم التقني والاستخباري الذي وفرته لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والبعثات الدولية الألمانية والأميركية التي وضعت جهدها الداعم في التحقيق في الكثير من الجرائم التي ارتكبت قبل أن يتسلم السنيورة رئاسة الحكومة وخلالها، وعلى المعابر البرية والبحرية والجوية.
إلى هذه المخاوف التي عبر عنها رئيس الحكومة بشكل دقيق مع القادة الأمنيين، قالت المصادر لـ«الأخبار»: كانت هناك قراءة سياسية ــ أمنية لمصادر المعلومات وأسبابها الموجبة، فردتها كلها تقريباً إلى الوضع السياسي المأزوم، مع التحذير من أنه إذا لم تنجح الحكومة في استيعابها وسلوك «المعابر السياسية» التي تؤدي إلى «تذويبها» بالقنوات والمعابر«الإجبارية» التي من شانها إنهاء منطق الانقلابات الذي عبرت عنه الاتهامات المتبادلة بين فريقي النزاع حول بندي التغيير الحكومي باتجاه حكومة الوفاق الوطني وقانون الانتخابات من جهة، والتغيير الرئاسي باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية واستكمال تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني ومصير سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني وترسيم الحدود اللبنانيةــ السورية والتبادل الدبلوماسي بين البلدين من جهة أخرى.
وفي معلومات «الأخبار» أن بعض قياديي الأجهزة الأمنية نصحوا بالتجاوب مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى طاولة المشاورات الحوارية والسعي إلى إقناع الأطراف الأخرى بتعديل جدول الأعمال بما يؤدي إلى «صفقة متكاملة» تنهي أجواء التشنج التي تتحكم بالبلاد ولأسباب واضحة لم تعد خافية على أحد.
ولفتت مراجع أخرى إلى أن النزول إلى الشارع سيؤدي حتماً إلى سقوط الحكومة مهما كانت النتائج المترتبة عليها، سواء بقيت من دون رد، أو جاء الرد من الشارع المقابل، فللشارع المعارض، كما لكل معارضة, ألف سبب وسبب من الوضع الاقتصادي إلى الاجتماعي والتربوي وسبل مواجهة كلفة إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي إلخ... أما بالنسبة إلى الموالاة، فهل سيُنزَل إلى الشارع لدعم الحكومة، أو لإبداء الارتياح إلى الأوضاع السائدة في البلاد على كل المستويات؟ أو لأسباب أخرى قد تنشأ في حينه، فتأتي استثماراً سياسياً لأخطاء يراهن البعض على أن المعارضة قد ترتكبها؟
وختاماً تجدر الإشارة إلى أن السنيورة حذَّر في أحد الاجتماعات من النزول إلى وسط بيروت وساحة الشهداء، وليتظاهروا أينما شاؤوا. لكنه سمع جواباً بأن الساحات العامة هي لكل اللبنانيين، ومنها ساحة الشهداء، وإذا حمل المتظاهرون، كما في كل مرة، الأعلام اللبنانية والورود فهل نواجههم بالرصاص؟