صباح أيوب
الساعة الحادية عشرة وستّ دقائق: لا شيء على الشاشات التلفزيونية اللبنانية يدلّ على تهيّؤها لنقل احتفال الحزب الشيوعي اللبناني بالذكرى الثانية والثمانين لتأسيسه، والمقرر عند الساعة الحادية عشرة ظهراً. الحادية عشرة والربع: البرامج التلفزيونية مستمرة بلا أي تعديلالحادية عشرة والنصف: بدأ المشاهدون، الذين هم على علم بقيام احتفال للحزب في الأونيسكو، بالتساؤل عن أسباب عدم «وصول» أي صورة عن الاحتفال، وفضّل بعضهم «إقناع نفسه» بأن ثمة تأخّراً لأسباب تنظيمية، وأن الكاميرات كلها هناك جاهزة والمحطات حاضرة لتنقل المناسبة أو بعضاً منها.
الثانية عشرة الّا ربعاً: نيو تي في؟ برنامج حواري، إل. بي. سي؟ «نهاركم سعيد»، مستقبل؟ إن. بي. إن؟ آي. إن. بي؟ لا شيء غير البرامج المقررة: ضيوف، وأفلام أجنبية، وطبخ.
الثانية عشرة ظهراً: قناة «المنار» تقطع برامجها لتنقل كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة.
لا شيء على الإطلاق يبرّر للتلفزيونات اللبنانية أمس عدم نقلها الاحتفال. وقد أثبتت كل تلك المؤسسات الإعلامية، أنها لا تمتّ لـ«الرسالة الإعلامية الموضوعية» أو لـ«الواجب الإعلامي الحر» بصلة. فها نحن نشاهدها، تحجز هواءها لساعات وساعات، طوال الشهرين الأخيرين، لنقل مباشر وطويل (ومملّ أحياناً)، لصور المواكب السيّارة والراجلة منذ بدء احتشادها لمناسبة إحياء ذكرى ما، تخصّ حزباً لبنــــــــانياً، وتواكب بالدقائق امتلاء الساحات بالمناصـــــرين وازدحام الطرقات بالألوان والأعـــــلام، وتصرّ على التقاط المحتفلــــــــين والخطباء من كل الزوايا التي تستطيع الكاميرا جمعها. ناهيك عن الإعـــــلانات الممهّدة والفيديو كليبات المحضــــّرة خصّيصاً للمناسبة. فلمَ لم يحظَ الحــــزب الشيوعي اللبناني بســــــــاعة واحدة من هواء محطة تلفزيونية لبـــــــــــنانية أمس؟
«نحن لسنا محطة نقل مباشر. كما لا نستطيع تلبية نقل مناسبات كل الأحزاب في لبنان. ونركّز على النقل المباشر للمؤتمرات المهمة في البلد». هذا كان جواب مديرة قسم الأخبار في محطة «نيو. تي. في.» مريم البسّام فضل الله.
لكن الجواب الأقرب إلى الواقعية، أصبح معروفاً وواضحاً للجميع: الحزب الذي لا يملك محطة تلفزيونية، والذي لا يساهم في أي من مافيات شركات الإعلان الضاغطة، لا صوت له ولا صورة.
لكن المقاطعة الإعلامية ـــ السياسية بالأمس، لم تكن إلا دلالة واضحة على مدى «خطورة» وجود حزب شيوعي لبناني في مواسم الأحزاب الطائفية التابعة والملحقة، وأنّ هيبة 82 سنة من العمر أرهبت وأربكت اليافعين في السياسة وفي السياسة الإعلامية وفي الإعلام السياسي.