فاتن الحاج
سجّلت الدورة الثانية للامتحانات الرسمية في الشهادة المتوسّطة نسبة غياب ملحوظة وصلت إلى الثلث في بعض المراكز، فيما أحدث عدم وضوح الأرقام على بطاقات الترشيح إرباكاً في توزيع بعض الممتحنين على القاعات

جاءت الدورة الثانية للامتحانات الرسمية في الشهادة المتوسّطة استثنائية بامتياز، بعدما زاد العدوان الطين بلّة. إذ لا يكفي أنّ التلامذة لا يراهنون كثيراً على الحظوظ القليلة للنجاح، إنما أتت الحرب لتفقدهم قدرة التركيز رغم إعطائهم وقتاً كافياً للتحضير. ولم يعد البحث محصوراً في مدى سهولة أو صعوبة الأسئلة. كما يبدو أنّ الرهان على خفض المعدل قد سقط، وسط تأكيد وزير التربية مراراً جدية الدورة ورفض زعزعة الثقة بالشهادة الرسمية. وكان المرشحون قد خضعوا في اليومين الأولين لامتحان في مواد: الجغرافيا، الرياضيات، الكيمياء واللغة العربية.
لم يكتب علي غدار شيئاً، «فرأسنا لا يجمّع» بعدما أجهز العدوان على «أشيائنا» في الضاحية الجنوبية. «بيتنا راح، احترقت الكتب والدفاتر، عمّي ضاع ولا نعرف عنه شيئاً، فليقولوا لنا في هذه الحالة ما نفع أن تكون الأسئلة واضحة وسهلة، ونحن لم ندرس». وأتى محمد جعفر ليجرّب حظه «بلكي بيراعوا الظروف وبنجّحونا»، فيما يراهن مصطفى دقيق على «أن لا يظلمونا كما فعلوا في الدورة الأولى». أما إيمان عسيلي فقالت: «صحيح أنهم أعطونا وقتاً للتحضير، إلا أننا كنّا نحتاج إلى جهد لاستعادة معلومات طارت مع الحرب، عدا عن أن الدورة الثانية ليست فرصة أصلاً، بعدما يفقد التلميذ «روح» الاستعداد للامتحان. وربما هذا الواقع جعل زميلتها بدرية عيتاني تعتمد على «الترجيحات»، عوضاً عن مراجعة كل المقرر.
من جهة ثانية، عمد بعض التلامذة إلى الاستفادة من الوقت المخصص للتحضير، كما فعلت دلال سليمان التي أصرّت، كما قالت، على النجاح كي لا تعيد السنة، على الرغم من كل ما حلّ بهم، بعد وقوع بيتهم في حارة حريك. وبدا حسن الفقيه متفائلاً حيال اجتياز الدورة، بعدما كان المونديال سبباً لرسوبه في الدورة الماضية، على حد قوله. في المقابل، حاول الأهالي أن يوفّروا جواً مريحاً للدراسة، بعد صدمتين متتاليتين حلّتا بأبنائهم: صدمة الحرب وصدمة الرسوب بعدها. فالبعض أفرز لأولاده أساتذة للتقوية رغم الظروف الصعبة. وتساءل الأهالي هل سيكون هناك مقاعد لأولادهم إذا حالفهم الحظ في الدورة الثانية، وكيف سيلتحقون بزملائهم، وخصوصاً أن إحدى الأمهات لفتت إلى أن لا مكان لابنتها في المدرسة التي كانت تدرس فيها.
وتحدث رؤساء مراكز عن أجواء منضبطة وفّرها المراقبون من دون أن يمارسوا ضغطاً إرهابياً، على حد تعبير رئيس مركز الامتحانات في ثانوية حسين علي ناصر الرسمية (برج البراجنة) سليم كرم الذي أشار إلى أن عدد المرشحين بلغ 500 تلميذ، غاب منهم 165. ولفت كرم إلى أن جهوزية التلامذة تفاوتت تبعاً للمناطق، نافياً أن يكون المركز قد سجّل أي انسحاب.
يذكر أن عدد المراقبين لم يكن كافياً، ما اضطر القيّمين إلى وضع مراقب واحد في الغرفة بخلاف القاعدة التي تقتضي تخصيص مراقبيْن اثنين في كل غرفة. وضمت ثانوية رمل الظريف الأرقام التسلسلية الأولى للمرشحين للشهادة المتوسطة الذين بلغ عددهم في هذا المركز 480، غاب منهم 134 تلميذاً. وأوضح رئيس المركز خليل الجميل «أننا لم نلق أي شكوى من الأسئلة» وركّزنا، في اجتماع عقدناه، على جدية المراقبة وعدم التساهل مع الممتحنين.
وكان وزير التربية والتعليم العالي الدكتور خالد قباني قد بدأ جولته التفقّدية على مراكز الامتحانات من ثانوية رمل الظريف حيث استمزج انطباعات المرشّحين، واستمع إلى أسئلتهم التي تمحورت حول إمكان خفض المعدل، فجدد تأكيده أن «الأمر غير مطروح على الإطلاق لأننا لن نسمح لإسرائيل بأن تؤثر سلباً على تقييم شهادتنا التي نفخر بمستواها عالمياً». ثم جال قباني على ثانوية الأشرفية للصبيان، مؤكداً «سنصدر النتائج خلال أيام قليلة لكي يلتحق التلامذة الناجحون بالثانويات».
وأفادت مراسلتنا في البقاع عبادة كسر أن قباني تفقد مراكز الامتحانات في زحلة، برفقة رئيسة دائرة التربية في البقاع آمال كنعان. وقد أبدى ارتياحه لـ«الجدية التي راعت ظروف الطلاب»، مشدداً على أن العام الدراسي لن يتعطل كما راهن البعض، بدليل «أننا أجرينا الامتحانات حفاظاً على سمعة الشهادة».
وينهي مرشّحو الشهادة المتوسطة امتحانات الدورة الثانية غداً الثلاثاء، على أن تنطلق امتحانات شهادة الثانوية العامة بفروعها الأربعة، الأربعاء المقبل.