دمشق تعاملت مع لارسن على أنه «شخص غير موجود»وصف وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال محادثات الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في سورية بـ«الممتازة والمثمرة»، فيما طالب وزير الخارجية وليد المعلم المجتمع الدولي بالتعامل مع القرار 1701 رزمة واحدة

ابراهيم عوض

تبلّغ الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قبيل مغادرته عمان متوجهاً الى دمشق، بنداً رئيسياً اضافياً على جدول محادثاته مع الرئيس بشار الأسد عنوانه «الهيمنة الاميركية على مجلس الأمن وتدخله في الشؤون الداخلية للدول، كما جرى في القرار 1680 الذي نص على إقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسورية». وقد ورد هذا الكلام على لسان الأسد خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز قبل ساعات قليلة من مغادرة الأخير العاصمة السورية ووصول أنان اليها.
وفيما تجنّب الأمين العام للامم المتحدة الكشف عما دار بينه وبين الرئيس السوري حول دور مجلس الأمن والمآخذ السورية على أدائه، حرص بالمقابل على التركيز على ما اعتبره «إنجازات» حقّقها في زيارته الى سورية، جاءته بمثابة تعويض عن الإخفاق الذي مُني به في إسرائيل، حيث لم يتمكّن من انتزاع قرار رفع حصارها عن لبنان، ولا الحصول على موعد نهائي لانسحاب قواتها من المواقع التي تحتلها في الجنوب.
تحدّث أنان أمام الصحافيين قبل أن يستقلّ الطائرة متوجهاً الى قطر، عن وعد تلقّاه من الأسد باتخاذ إجراءات على الحدود وتطبيق المادة 15 من القرار 1701، وعن استعداد سورية لإقامة علاقات ديبلوماسية مع لبنان، وعن عدم ممانعتها ترسيم الحدود بين البلدين، وكذلك عن ترك الحوار الوطني اللبناني يبتّ مسألة سلاح المقاومة.
هذا في الشكل، أما المضمون فيوضحه وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال الذي يستهل حديثه مع «الأخبار» بوصف لقاءات المسؤولين السوريين مع أنان بـ«الممتازة والمثمرة» مؤكّداً أن الأخير سمع وجهة النظر السورية المعروفة بدقة، والتي تنطلق من أن أساس المشكلة هو في استمرار احتلال إسرائيل أراضي عربية، وعدم إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، وضربها عرض الحائط بقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة بالصراع العربي ــ الاسرائيلي.
لذلك فإن ما يجرى في لبنان وما جرى في فلسطين، يستدعي العودة الى جذور الأزمة لا معالجة فروعها فحسب، والعودة الى تحريك عملية السلام على جميع المسارات.
وقال الدكتور بلال، إن القيادة السورية ابلغت الامين العام للامم المتحدة بأن القرار 1701، غير متوازن لكن سورية مستعدة للتعاون مع ايجابياته، كما أشارت الى أن البحث في سلاح المقامة لا بد من أن يُترك للبنانيين الذين ألّفوا هيئة حوار وطني لهذه الغاية، رحّبت بها دمشق وشجّعت على الاستمرار في عملها. واستغرب وزير الإعلام السوري هنا، طلب بعض الجهات اللبنانية مساعدة دمشق لنزع سلاح حزب الله، غامزاً من قناتهم متسائلاً «أليس في إمكان من عمل على اخراج سورية من لبنان أن ينزع سلاح المقاومة؟».
ولفت الدكتور بلال إلى أنه لدى التطرق الى مسألة ضبط الوضع على الحدود اللبنانية ـ السورية للحؤول دون تهريب الاسلحة، سمع أنان بوضوح تأكيد عزم سوريا على تعزيز الحراسة على الحدود وضبطها بالتعاون مع الجانب اللبناني لمنع التهريب على أشكاله، أو دخول متسللين الى الطرفين.
هذا وعلمت «الأخبار» من مصادر سورية متابعة لأجواء المحادثات التي اجراها أنان في دمشق، أنه لدى طرح الاخير مسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، بما فيها مرزاع شبعا، كان تذكير بالرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة السورية المهندس ناجي العطري الى نظيره اللبناني فؤاد السنيورة، يعلمه فيها استعداد سورية للبدء بالترسيم على أن ينطلق من الشمال أولاً، وصولاً الى الجنوب، مع الاشارة الى استحالة حصول ترسيم في مزارع شبعا في ظل الاحتلال الاسرائيلي لها. وذكرت هذه المصادر، أنه لدى سؤال أنان عن هذا الموضوع من الصحافيين، أجاب بالعموميات إذ قال: «يجب ترسيم الحدود» واعداً «بتقديم الدعم اللازم لنجاح هذه العملية».
وفي ما يتعلق بالعلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسورية، التي نقل انان عن الرئيس السوري استعداده لإتمامها، أفادت المصادر المذكورة أنه جرى البحث في هذا الموضوع من منطلق انها مسألة سيادية تخص البلدين، مع الإشارة الى أن سورية كانت أول من أبدى رغبته بفتح سفارة لها في بيروت، الأمر الذي عطّله تسارع الاحداث في لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما رافقه من مواقف معادية لسورية في تلك الفترة.
وردّاً على ما صرح به أنان من أن الرئيس الاسد يدعم الدعوات إلى الإفراج عن الجنديين الاسرائيليين لدى «حزب الله» والجندي الاسرائيلي الاسير في غزة، أوضحت المصادر نفسها، أن الجانب السوري أكّد على موضوع تبادل الاسرى جميعاً، بما في ذلك الاسرى اللبنانيون والإسرائيليون، وكذلك الاسرى السوريون، ابناء الجولان المعتقلون في اسرائيل وعددهم 20 أسيراً .
كما أن الرئيس الاسد طلب من كوفي أنان، الذي يمثل مؤسسة الامم المتحدة، أن يُلزم اسرائيل رفع حصارها عن لبنان فوراً ومن دون تلكؤ او مماطلة.
هذا ولم تفُت المصادر السورية الاشارة الى أنّ الامين العام للامم المتحدة تبلغ رسمياً أن مبعوثه تيري رود لارسن شخص غير مرغوب به في سورية، وقد جرى تجاهله، وتعمّدت وسائل الإعلام السورية عدم التقاط اي صورة له، وعومل كأنه شخص غير موجود استدعت «اللياقات» البروتوكولية قبول دخوله الى دمشق لأنه في عداد وفد الامين العام للامم المتحدة.
كما ذكرت هذه المصادر أن الاجتماع الذي جرى بين الاسد وأنان اقتصر عليهما وحدهما.
من جهة اخرى، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في لقاء مع الصحافيين المرافقين لأنان، إن على المطالبين بتنفيذ القرار 1701 أن يأخذوه «رزمة واحدة» لا بنوداً متفرقة، بحيث تنصبّ جهودهم على حثّ سورية على تطبيق المادة 15 منه، ويغضّون الطرف عن المطالب المتعلقة بإسرائيل، ومنها رفع الحصار عن لبنان والانسحاب الكامل من الجنوب ووقف العمليات الحربية.
وفي معرض تناوله قضية ضبط الحدود بين لبنان وسورية، أوضح المعلم أن سورية تشكو أيضاً من تهريب الاسلحة الى داخل حدودها، ودخول متسللين الى اراضيها، ومنهم من ينتمي الى «جند الشام». كما أن هناك عناصر مسلحة من جنسيات مختلفة أوقفت بعد مطاردات واشتباكات مع القوى الامنية السورية في اكثر من منطقة.