جورج شاهين
يبدي أكثر من مرجع سياسي وحزبي اعتقاده بأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يوجه الدعوة الى زملائه النواب للاعتصام المفتوح بغية المزايدة أو التميز، وهو الذي لم يفقد البوصلة السياسية في أحلك الظروف.
ويقول مطلعون ان الرئيس بري اختار الوقت المناسب لخطوته هذه كي يضع الكثيرين في الداخل والخارج أمام استحقاق آن أوانه. فهوعلى المستوى الخارجي يسعى الى استيفاء حصيلة تعهدات سبق أن طلبها ابان المرحلة التي رافقت مخاض الولادة القيصرية للقرار 1701، والمفاوضات التي أجراها مع الموفدين الدوليين والعرب والتي تناولت في جوانب منها «إمكان تجدد الرفض الإسرائيلي لبعض العناصر الإيجابية التي تضمنها القرار، على ندرتها، مقابل ما حمله من تطمينات لهواجسها تبناها العالم نيابة عنها».
أما على المستوى الداخلي فيسعى بري الى إقفال جانب من السجال القائم على خلفية سعي البعض الى تحميل «حزب الله» مسؤولية الحصار لكونه من ذيول الحرب التي «اقتيدت إليها البلاد والحكومة مرغمة»، واتهام البعض للحكومة بعدم انزعاجها من الحصار للاستمرار في «ترتيب البيت الداخلي» وفقاً لسعي الأكثرية الى استثمار الوضع على كل المستويات.
وكشف أحد النواب المقربين من بري أنه شدد أمام كل من التقاهم من شخصيات عربية وأجنبية على شكوك تركتها لديه التجارب السابقة مع إسرائيل، ومنها توقعه رفضها فك الحصارعن لبنان املاً منها ان تتكرر فيه التجربة «الغزاوية». وقد حصل على ضمانات كثيرة ترجمت سلسلة بيانات فورية أعقبت إعلان القرار الدولي في 12 آب الماضي.
وعلى هذه الخلفية كشف نواب جالوا على الدبلوماسيين من بعثات الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن ان هؤلاء الدبلوماسيين سجلوا «رقماً قياسياً في الصمت والإنصات» للوفود النيابية التي جالت حتى أمس على الجميع ــ ما عدا السفير الروسي الذي سيستقبل الوفد اليوم ــ ولم يسمع النواب سوى الوعد بأن ينقل الدبلوماسيون مضمون الموقف اللبناني الى حكومات بلادهم، من دون التزام ما تسفر عنه هذه الاتصالات من مبادرات فورية، وقد فوجئوا بجوابين أميركي وصيني يجدر التوقف عندهما:
ــ الأميركي نصح باستمرار العمل عبر مجلس الأمن وتحديداً فريق الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، من دون توسيع رقعة الاتصالات التي قد «تنقلب» على لبنان.
ــ أما سفيرة الصين فقد فاجأت النواب بالإحصاء الذي أنجزته سفارتها عن حجم الخسائر التي لحقت بحركة التبادل التجاري بين البلدين والاتفاقات التي سقطت مع الوعد بإعادة النظر فيها بما يضمن مصالح الطرفين.
وعلى المستوى العربي، وفي الوقت الذي أعلنت فيه قطر خرقها اليوم للحظر الجوي، فقد ابلغ احد النواب الذي زار السفارة الأردنية «الأخبار» ان القائم بالأعمال كان خلال اللقاء «مستمعاً باهتمام»، وخرج النائب بانطباع يوحي أن جواب الأردن على مطالبة لبنان بقطع العلاقات مع اسرائيل قد يكون «ان مثل هذه العلاقات تفيد اكثر مما تضر!».
ورغم ما سبق من أجواء تعتقد مصادر مطلعة أن المناخ الدولي عشية وصول القوات الدولية الى لبنان قد يسرع قرار فك الحصار، وأن التجربة القطرية اليوم قد تكون جس نبض لرد الفعل الإسرائيلي، والمهم أن لا يتراجع بعض اللبنانيين عن الموقف الثابت «خشية ان يقطف» الرئيس بري ثمار الاعتصام!، كما يعتقد هذا البعض الذي ما زال «يقرأ التطورات بعين داخلية ضيقة»، ناصحاً بالقول «إنما النصر صبر ساعة».