تستمر ببطء عملية تلف المزروعات الممنوعة في البقاع بسبب رفض أصحاب الجرارات تأجيرها لقوى الأمن. وخبراء في الزراعة يقولون لـ «الأخبار» أن «لا بديل عن الحشيشة»
أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن قوى الأمن الداخلي باشرت بمؤازرة الجيش اللبناني حملة تلف للمزروعات الممنوعة في سهول البقاع الشمالي وجروده، وتولى عناصر الدرك بواسطة الجرارات الزراعية تلف حقول مزروعة بـ“حشيشة الكيف” ضمن نطاق سرية درك بعلبك في القرى المحيطة بفصائل درك طليا ودير الأحمر ورأس بعلبك، بالإضافة الى الهرمل. وأشارت الوكالة إلى أن “هذه الحملة ستتواصل حتى يتم تلف كل الحقول المزروعة بالمخدرات في المنطقة”، مشيراً الى أن عملية التلف “تمت يدوياً من قبل عناصر قوى الأمن الداخلي، وبواسطة الجرارات الزراعية في الأراضي الواسعةمن جانبه، أفاد مراسل “الأخبار” في البقاع أمس بأن قوى الأمن تعاني نقصاً شديداً في الآليات الزراعية التي تستخدم لتلف المزروعات الممنوعة، الأمر الذي أدى إلى تعثر عملية اتلاف الحشيشة في البقاع، وذلك بعد أن عجزت القوى الأمنية عن استئجار جرارات زراعية تقوم بعملية “حراثة” الحقول المزروعة بالمخدرات. وقالت جهات متابعة لـ “الأخبار” إن عمليات الإتلاف تسير ببطء شديد جراء عدم توافر جرارات زراعية أو “رفض أصحابها العمل وتأجير جراراتهم لقوى الأمن...”. وأوضحت أن أصحاب الجرارات لم يتقاضوا بدل أتعابهم عن سنة 2005، وبالتالي فإنهم يرفضون تأجير جراراتهم، مشيرة الى أن الأمر عرض على أصحاب جرارات في البقاع الأوسط أيضاً ولم تلق الدعوة أي تجاوب.
وأشارت مصادر بقاعية الى أن هناك أكثر من 70 مليون ليرة لم تدفع بعد لمستحقيها من أصحاب الجرارات الزراعية في سهل البقاع عن عملهم في إتلاف موسم حشيشة العام الماضي. وذكرت معلومات لـ“الأخبار” أن محاولات جرت أمس لاستئجار جرارات زراعية من قرى سورية متاخمة للحدود اللبنانية في جرود الهرمل ومنطقتها، وأن المحاولة منيت بالفشل بعد رفض أصحاب هذه الجرارات الدخول الى لبنان والعمل في إتلاف “الحشيشة”.
يشار الى أنه، منذ بدء الحملة، تم إتلاف حوالى 130 دونماً فقط من حوالى 30 ألف دونم.
وشرح الأستاذ في قسم الزراعة في الجامعة الأميركية في بيروت د. مصطفى حيدر لـ“الأخبار” مختلف الطرق التي تتبع عادة في عملية التلف، فهي تتم إما يدوياً أو باستخدام التراكتور أو عبر الاستعانة بالمواد الكيماوية، التي يمكن أن ترش باليد أو باستخدام التراكتورات أو حتى الطائرات. Dicamba, paraqaut, glyphosate, 2.4 b
ولكن د. حيدر لا يحبذ الاعتماد على هذه الكيماويات نظراً لما يمكن أن تتسبب به من أضرار جسيمة على التربة. وأضاف أن نبات الحشيشة نبات حولي (موسمي) وليس معمراً كالتفاح أو العنب أو غيره من المزروعات، ولذلك يجب أن تختلف الطريقة المتبــــعة في تلفه .
ويرى د. حيدر أنه لا بديل عن زراعة الحشيشة في تلك المناطق البقاعية، فمنذ عام 1992 لم تتمكن الدولة من أن توجد بديلاً جدياً لزراعة الحشيشة أو حلولاً جذرية تغني عنه، علماً بأن مساحة المناطق المزروعة بهذا النبات لا تتجاوز 10000 دونم، وهي مساحة ضئيلة جداً ولا تكاد تذكر. ويبدي د. حيدر أسفه الكبير بسبب إهمال الدولة المتراكم والمستمر لمزارعي البقاع الذين قد تحل بهم كارثة كبرى إن لم تباشر الدولة بتقديم المساعدات الضرورية واللازمة لهم.
وقد عرض د. حيدر اقتراحاً يمكن أن يحل بديلاً عن الحشيشة، ويكمن في إمكانية الاستفادة من الحشيشة في إنتاج وتصنيع مواد طبية وصناعية مثل الزيوت والأدوية المختلفة والفوط الصحية للأطفال والأقمشة وما شابه.
إن معالجة مشكلة الزراعات الممنوعة في سهل البقاع مهمة تتطلّب الاعتماد على دراسات علمية دقيقة، ليس فقط في علم الاجتماع لمعرفة حاجات ومشاكل المزارعين وعائلاتهم، ولكن في العلوم الزراعية والصناعية والتجارية. وإذا لم تكن للدولة تستطيع أن تقضي على تلك الزراعات نهائياً كما حاولت أن تفعل منذ الاستقلال، فلا بدّ من البحث عن طرق اخرى للمعالجة يستفيد منها أبناء البقاع المحرومون والدولة على حدّ سواء، ولا تؤدي الى أذية للمواطنين، والشباب خاصة، في جميع المناطق.