تعويل على السياحة الداخلية لتعويض خسائر الموسم
زحلة - فيصل طعمة

يحاول وادي البردوني، المعروف بـ«وادي العرايش» في زحلة، التقاط ما بقي من أنفاسه لهذا الموسم السياحي.
فما من أحد يستطيع زيارة البقاع، من دون المرور بوادي البردوني، وإشباع نظره بسحر هذا المكان، وتناول لقمة بقاعية أصيلة مرفقة بـ«كاس عرق بلدي» من الكروم المحيطة.
قلة من الزوّار المحليّين جاؤوا للاستمتاع بما بقي من عطلتهم الصيفية، قبل العودة إلى مقاعد الدراسة. وبحسرة كبيرة، تقول تريز (صاحبة مقهى): «قُضي تماماً على الموسم السياحي لهذا العام. خسائرنا بآلاف الدولارات. كانت الأيام الأولى من هذا الموسم ممتازة، وتمّوز هو الشهر الذي نعتمد عليه بشكل أساسي في العمل. لكنّ الأوضاع لم تعد إلى طبيعتها بعد، ولا أظنها ستعود رغم مرور أيام على توقّف العدوان. فما من رواد أجانب أو عرب أو حتى مغتربين. سافروا إلى بلدانهم، ويبقى السؤال: هل يمكن أن يعودوا بعد الآنيقول الزائر جمال أبو عثمان الذي كان يتناول «البوظة» مع أفراد عائلته إنّ «حال وادي البردوني لم تكن هكذا مطلقاً. ففي مثل هذه الأيام، كان يزدحم الوادي بالسياح الوافدين على اختلافهم. اليوم، حتى وإن رأيت بعض الزوار، لا تجد تلك الفرحة مرسومة على وجوههم، بل تجد تعابير القلق والخوف من المجهول».
كان جمال أبو عثمان يتحدث، وعيناه تنظران إلى أفراد عائلته بشيء من القلق والخوف: «أنظر إلى أولادي، ها نحن نجلس هنا ولا ندري إن كانت هناك مدارس لهذا العام أم لا».
جويل، ابنة السبع سنوات، تلعب بفرح بلعبتها المفضلة في وادي العرايش، وسط والديها فادي ونسرين. فهي المرّة الأولى التي تأتي فيها إلى الوادي بعد انتهاء الحرب، علماً أنّ مكان إقامتهم في قرية حوش الأمراء، وهي ملاصقة لمدينة زحلة. لكن «الحرب ما كانت عم تخلينا ننبسط، كنّا نبقى بالبيت. وأنا مبسوطة لأنو الحرب خلصت».
بائع «السمسمية» الذي أصبح وجوده فلكلوراً خاصاً بالوادي، يتناول حال الوادي بحسرة: «أنا من 47 سنة في المصلحة، ولم أشهد مثل هذا الموسم. الخسائر بالآلاف والحركة ميتة لأنّ السيّاح العرب والأجانب غادروا لبنان ولم يبق إلا الزوار المحليون. الإسرائيليون لا يقدرون علينا إلا بالتخريب والترهيب. فما معنى قصـــــف الشاحنات الصغيرة المحملة بالخضر والفواكه، رجال المــــقاومة والشــــــباب في الجنوب، لماذا لا ينازلونـــــهم هـــــناك إن كانـــوا رجالاً؟».
لحظة خروجك من بوابة وادي العرايش، تلحظ حركة رواده وعشاقه من زحلة والجوار يدخلون إليه. وهذه إشارة إلى أنّ وادي البردوني يفعل المستحيل لالتقاط ما بقي من نشاطه في نهاية الصيف، معوّلاً كثيراً على عودة السياحة الداخلية لتعويض بالحد الأدنى الخسائر.