عمر نشابة
بعد دقائق من وقوع الانفجار الذي استهدف المقدم سمير شحادة في الرميلة صباح أمس، أطل وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت على قناة الـ“نيو تي في” معلناً أن العبوة التي استخدمت شبيهة بالتي استهدفت الوزيرين الياس المر ومروان حمادة، والنائب الشهيد جبران تويني. وكرر القول نفسه على شاشة “المؤسسة اللبنانية للإرسال”. لم ينتظر وزير الداخلية تقرير الأجهزة الأمنية الجنائي الذي يتضمّن عادةً نتائج فحوص خبراء المتفجرات. لكن يبدو أنه قرّر تقديم توجّهه السياسي على واجباته، فاستبق التحقيقات الجنائية وتجاوز تسلسل الإجراءات وتخطّى سرّية التحقيق بظهوره بعد دقائق على شاشات التلفزة ليفصح عن استنتاج يتطلّب تحليلات علمية وتقنية، تحتاج المباحث الجنائية وقتاً طويلاً لإنجازها. فالعملية تتطلّب مسحاً شاملاً لمسرح الجريمة، وأخذ إفادات الشهود، وتحليلاً مخبرياً للأدلّة الجنائية من بقايا العبوة وآثار انفجارها، وبعد ذلك فقط يمكن التوصل الى مقارنة أولية بين هذه الجريمة وجرائم أخرى. إن كلام وزير الداخلية بالوكالة كلام سياسي يُعدّ تدخّلاً في التحقيقات الجنائية، وبالتالي فهو عقبة أمام نظام العدالة. وكانت مجموعة "14 آذار" التي ينتمي اليها الوزير قد اتهمت سابقاً "النظام الأمني اللبناني السوري" بارتكاب الجرائم التي شبّه بها فتفت هذه الجريمة. إشارة هنا إلى أن تشابهاً بين أدوات الجريمة لا يعني بالضرورة أن المرتكب هو نفسه، كما أن اختلاف أدوات الجريمة لا يعني بالضرورة أن المرتكب مختلف. أما بالنسبة لدوافع الجريمة، وإن كانت نفسها، فلا يمكن استنتاج أن المجرم نفسه لأن أشخاصاً أو جهات أخرى قد تكون لديهم دوافع لارتكاب جريمة تجمع بين هذه الجريمة وجرائم سابقة أيضاً. (يذكر أن الوزير فتفت خلال المؤتمر الصحافي ناقض الكلام الذي أدلى به صباحاً).