انتقلت عدوى الحيرة والضياع في لبنان إلى الجانب الألماني، وحار المستشارون في مكتب المستشارة الألمانية في تفسير فحوى «رسالة السنيورة الشفهية» التي بُعثت ليل أول من أمس، عبر اتصال هاتفي بين مكتب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ومكتب المستشارة أنجيلا ميركل.
برلين ــ غسّان أبو حمد

يرغب لبنان الرسمي بمشاركة البحرية الألمانية في قوات الطوارئ الدولية، وقد أرسلت أكثر من إشارة مطمئنة إلى الجانب الألماني إلى أن الطلب الرسمي اللبناني بات جاهزاً لتوجيهه إلى الأمم المتحدة ومن ثم إلى برلين... لكن، من ناحية ثانية، اشترط المسؤول الإعلامي في مكتب الرئيس السنيورة، عارف العبد، في حديثه لوكالة «شبيغل أونلاين»، تحقيق هدفين لتوجيه الرسالة الرسمية اللبنانية: الأوّل هو ضرورة فك الحصار الإسرائيلي البحري والجوي عن لبنان. والثاني، ممارسة الأسطول الألماني لمهامه العسكرية على بعد سبعة أميال من الشاطئ اللبنانيوعلى الرغم من «الغموض» في فحوى الطلب «الشفهي الهاتفي» اللبناني، فإنّ مصادر حكومية ألمانية أكدت أمس أن الاستعدادات لانطلاق الأسطول البحري الألماني إلى الشواطئ اللبنانية قد اكتملت. وفي حال وصول الطلب اللبناني الرسمي، ودراسة فحواه، وفهم «ما هو واضح في مضمونه»، تتخذ الحكومة قرارها النهائي بتحديد عدد القوات اللازمة، وبالتالي القرار برفع مراسي البوارج الحربية في عطلة الأسبوع الحالي على أبعد تقدير.
إذاً، واستناداً إلى آخر المعلومات، فإن الجانب الرسمي الألماني لن يتحرّك قبل وصول الطلب الرسمي اللبناني. وهذا ما أعلنه بوضوح بعد ظهر أمس، وزير الخارجية الألمانية فرانك شتاينماير: «لا قرار قبل وصول الطلب اللبناني الرسمي، واستناداً إلى مضمونه تتقرر تفاصيل المشاركة الألمانية».
وفي السياق ذاته، وخلافاً للتفاؤل الذي يبديه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بتوقع «أخبار سعيدة حول فكّ الحصار في غضون اليومين المقبلين»، أبدى بعض السياسيين الألمان، في أحاديثهم للتلفزة، استغرابهم لعدم تقدير الجانب الرسمي اللبناني لحساسية انتشار القوات الألمانية على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية، وللتأخير غير المبرّر في الإجابة الواضحة عن أسئلة دقيقة.
ويبدو واضحاً، أن الاستياء العسكري وطبيعة الأسئلة «اللوجستية» التي تطرحها قيادة الجيش الألماني على السياسيين، هي التي تشلّ قدرة «الديبلوماسية الألمانية» على الحركة، وتؤخر صدور القرار الحكومي. ونقلت صحيفة «دي فيلت» في عددها الصادر أمس بعض التعليقات العسكرية الألمانية، ومنها أنّ «اللبنانيين (بسبب ضغوط سورية) يرغبون بحصار بحري «ضعيف» وشبيه بقالب «الجبن السويسري المليء بالثقوب».
وفي سياق الاستياء العسكري، انشغلت الأحزاب الألمانية طوال يوم أمس، في تفسير عبارة «مهمة قتالية» التي كان وزير الدفاع الألماني فرانز جوزف يونغ استخدمها لوصف مهمة القوات الألمانية في عداد القوات الدولية. ودافع قائد الجيش الألماني السابق عن هذا «الوصف» بالقول: «إنّ الجنود يريدون فهم إطار حركتهم. هل هم في مهمة عسكرية أم مهمة «مراقبة»؟ هل يمنعون تهريب السلاح أم أن المطلوب منهم تسجيل «الخروق» ورفع التقارير؟