جورج شاهين
ابتداءً من السادسة مساء اليوم يفك الحصار الجوي والبري والبحري الذي فرضته اسرائيل على لبنان قبيل ظهر الثالث عشر من تموز الماضي بعد اقل من 24 ساعة على عملية «الوعد الصادق»، و24 يوماً على دخول قرار وقف العمليات العسكرية حيز التنفيذ، وقبل 6 أيام من موعد التقرير الشهري الأول، الذي يعده الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان ليشرح فيه أمام مجلس الأمن ما تحقق من القرار 1701 وما لم يتحقق على كل المستويات الأمنية والعسكرية ومدى التزام اطراف النزاع مضمونه.
وإن كان القرارالأسرائيلي قد جاء متأخراً طيلة هذه الفترة، فإن الأمر يعود ــ حسب مصادر ديبلوماسية لبنانية ودولية ــ الى محاولات إسرائيل الدؤوبة لكي تنال من لبنان عبر الحصار ما لم تنله بالحرب، في أعقاب الفشل الذي لقيته حملتها العسكرية، وما أحدثته من خضات داخلية سواء في صفوف الحكومة الإسرائيلية أو خارجها. وتأسيساً على هذه المعادلة كشفت المصادر لـ«الأخبار» بعضاً من جوانب المواقف والرسائل التي تبودلت بين بيروت ونيويورك والعواصم الكبرى وتل أبيب التي فرضت القرار الأسرائيلي في توقيته اليوم ومنها:
اضطرار الحكومة الإسرائيلية الى التجاوب مع الرغبات الدولية بفك الحصار التزاماً منها بتسهيل عملية انتشار القوات الدولية في الجنوب والبحر في مرحلة لم يعد فيها المجتمع الدولي قادراً على ضمان الظروف الفضلى للعمليات وشروط سلامة القوات الدولية المعززة والتغاضي عن الخرق الأسرائيلي المتمادي للقرار وخصوصاً بعد عملية «بوداي» التي لم تتكرر رغم «الطموحات الإسرائيلية» الى القيام بمثلها في اكثر من منطقة.
واستندت هذه القراءة الديبلوماسية الى التريث الذي أبدته اكثر من دولة اوروبية دعيت للمشاركة في عديد اليونيفيل والانتقال الى لبنان، ومنها ألمانيا وتركيا واليونان، وفرنسا تحديداً التي أوفدت طليعة قواتها الى الجنوب بسرعة ثم أبطأت في استكمالها، والتي تلاقت مع ربط الحكومة اللبنانية طلب استدعاء البحرية
الألمانية الى المياه الإقليمية اللبنانية الى ما بعد فك الحصار، ودعوة البحرية الإيطالية والفرنسية الى المشاركة في المراقبة بحكم وجودها على طول الشاطئ اللبناني الى ان يتمكن الألمان من الحضور خلال اسبوعين او اكثر.
وأضافت المصادر: «ازاء الستاتيكو الذي فرضت اسرائيل الجانب المظلم منه، كان تجاوب المقاومة، ومعها لبنان الرسمي، مع مضمون القرار الدولي عامل إحراج للجانب الأسرائيلي الذي لم يعد قادراً على تبرير المضي بالحصار، دون أن ننسى تهديد كوفي أنان بأنه لن يستطيع في تقريره الى مجس الأمن إلا أن ينوّه بالتجاوب اللبناني مقابل الخرق الإسرائيلي، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى تحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية أي تدهور يعيد الوضع في الجنوب الى التوتر وتضيع معه آمال التهدئة».
وختمت المصادر: «لقد تحول الحصار على لبنان عبئاً سياسياً وديبلوماسياً على اسرائيل، ولم يعد له اي معنى سياسي كانت حكومة اولمرت تسعى لاستثماره لتجاوز ردود الفعل الداخلية، فكان قرار فكه، وبات كل ما يتصل بما سمي تقصيراً في الحرب على كل المستويات اللوجستية وحماية الجبهة الداخلية، في عهدة لجان التحقيق التي باشرت أعمالها ولن تتوقف قبل تحديد مكامن الخلل السياسية والعسكرية والمسؤولين عنها».