البقاع- نقولا أبو رجيلي
التهريب عبر الحدود اللبنانية ــ السورية يمتدّ سنوات عديدة إلى الوراء. ينشط أحياناً ويتضاءل أحياناً اخرى بحسب الوضع الامني أو فارق صرف الليرة في البلدين، أو أسعار المواد الاستهلاكية التي يحتاج إليها «الشعبان الشقيقان» في بلديهما. ويشمل التهريب عادة موادّ غذائية، وأدوات كهربائية، ومعدّات صناعية.
اللافت في الآونة الأخيرة، تهريب المحروقات على مختلف انواعها، خصوصاً مادة المازوت. وذلك لاتّساع فارق السعر بين البلدين الذي بلغ ما بين ستة وعشرة آلاف ليرة لبنانية.
تهريب المازوت كان يجري بالأساليب البدائية على ظهر البغال وبواسطة غالونات بلاستيكية، وأحياناً بواسطة جرارات زراعية تجرّ خزانات متفاوتة الاحجام، وأحياناً أخرى بواسطة سيارات بيك ــ أب.
تراجعت هذه الطريقة التقليدية في تهريب المازوت، أو بالأحرى توقّفت بعد ضبط الحدود و «إمساكها» بعد الانتشار الواسع للجيش اللبناني أخيراً. فكان البديل «بدعة» استُخدمت من الاهالي من الطرفين. يعمد المهربون الى مدّ شبكة من القساطل والأنابيب البلاستيكية من أعالي المرتفعات إلى الاسفل، ويراوح قياسها بين إنش واحد واثنين، وطولها بين خمسة وسبعة كيلومترات بحسب المسافة. ويصل الفريق الاول القسطل ببرميل كبير تنسكب المادة فيه وتصل الى الاسفل بضغط الجاذبية، لتصبّ في خزانات كبيرة معدّة لهذه الغاية.
تؤدّي الأجهزة الهاتفية الخلوية الدور الأكبر في إتمام هذه العمليات، إضافة إلى إرسال رَجُل على ظهر حصان، يسمّى «كشافاً»، لمراقبة القساطل قبل البدء بعملية ضخ المازوت المهرّب. وقد كشفت الاجهزة الامنية اللبنانية والسورية طريقة التهريب هذه منذ أيّام عدة، فتم «ضبط» هذه القساطل وتفكيكها.
أحمد، الذي يعوّل على هذه الوسيلة للعيش، ويحلم ببناء منزل والزواج بشريكة العمر، توقفت احلامه بعد انتشار الجيش اللبناني على الحدود ومراقبة التهريب. ويقول إن «ضخ» المازوت على جانبي الحدود توقف نهائياً بعد انتشار الجيش واكتشاف هذه «العملية». أما عساف، ربّ العائلة الذي سئم من الزراعة وخسائرها، والذي اتّبع التهريب لكسب الرزق، فيقول: «إن الحرب أفضل من السلم. فهي تتيح لنا أحياناً فرصاً كثيرة للعيش».