قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بزيارة خاطفة الى لبنان قبل أن يتوجه الى سوريا التي أمضى فيها ساعات ايضاً غادر بعدها الى اسرائيل، مؤكداً اهتمام بلاده بتحريك عملية السلام مطالباً بإطلاق الجنديين الاسرائيليين غافلاً عن ذكر الاسرى اللبنانيين في اسرائيل.
ابراهيم عوض

أعربت روسيا عن اهتمامها بما صدر أخيراً من إشارات ومواقف تعيد الروح الى عملية السلام في المنطقة بعد حالة من الجمود دامت سنوات. وجاءت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف امس الى كل من لبنان وسوريا واسرائيل للبحث في ما يمكن ان تفعله موسكو في هذا الاطار، من منطلق أن الظروف مؤاتية لهذا التحرك، بالاضافة الى الدعوة الصريحة التي وجهها مؤتمر وزراء الخارجية العرب الى مجلس الامن مطالباً بإعادة النظر جذرياً وكليّاً في عملية السلام في الشرق الاوسطواستهلّ لافروف جولته ببيروت «التي باتت للأسف ضحية الازمة التي اصابت المنطقة» على حد قوله، فاجتمع مع الرؤساء الثلاثة اميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة وبحث معهم في تنفيذ القرار 1701، والمساعدة الروسية في اعاة الاعمار مع ايلاء اهتمام خاص بـ «استكشاف طريقة الوصول الى السلام في الشرق الاوسط».
وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة على فحوى محادثات الوزير الروسي في بيروت، أن الاخير أكّد رغبة موسكو في بذل كل الجهود لتفعيل عملية السلام، لافتاً الى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سبق له ان دعا الى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط، بات على قناعة تامة بأن الوقت مناسب لاعادة فتح هذا الملف بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان.
وفيما اعلن لافروف أن بلاده ستقوم بدور ايجابي عند مناقشة قضية السلام في مجلس الامن، شدّد على على أن انطلاق العملية إذا حصل، يجب أن يشمل المسارات الثلاثة من دون استثناء. وقد دعا الرئيس لحود الى عقد مؤتمر شبيه بمؤتمر مدريد يضع حداً للنزاع العربي ــ الاسرائيلي، لافتاً الى أن مبادرة السلام العربية التي اقرّتها قمة بيروت عام 2002 لا تزال الاطار الصالح لأي تحــــرك سلمي.
وذكرت المصادر المطلعة، أنه لدى اشادة رئيس الجمهورية بأداء «حزب الله» وببطولات المقاومة التي دافعت عن لبنان، رافضاً وصفها بالإرهاب، ردّ وزير الخارجية الروسي مثنياً على مواقف لبنان و«حزب الله» من القرار 1701، مؤكداً أن الحزب جزء من النسيج اللبناني، كما هي ايضاً حركة حماس في فلسطين.
ولاحظ لافروف تبدلاً في الموقف الاوروبي لمصلحة عملية السلام ولبنان، موضحاً أن روسيا لن تشارك في القوات الدولية المنوي نشرها في الجنوب، لكنها ستساهم بفاعلية في اعادة إعمار البنى التحتية وخصوصاً الجسور.
كما أبدى تجاوباً مع طلب رئيس الجمهورية إدانة اسرائيل لاستخدامها القنابل الفوسفورية في حربها على لبنان.
هذا وإثر لقائه رئيس الجمهورية قال لافروف: «لا بد من أن يكون هناك موقف لحل شامل لكل القضايا في منطقة الشرق الاوسط، ولا بد من ايجاد الصيغة المؤاتية التي من الممكن أن يتوافق عليها جميع الاطراف في المنطقة». كما اعلن تأييده للمبادرة التي اطلقها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بمناقشة عملية السلام في مجلس الأمن.
وفي مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماعه مع الرئيس السنيورة، دعا وزير الخارجية الروسي الى «التطبيق الكامل للقرار 1701، عبر رفع الحصار وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب وانتشار «اليونيفيل» وإطلاق الجنديين الاسرائيليين» من دون أن يأتي على ذكر الأسرى اللبنانيين.
ورداً على سؤال عن اتهام واشنطن «حزب الله» باستخدام أسلحة روسية قال: «ان كل شحنات الاسلحة الروسية الى الخارج تجري وفق القوانين والاتفاقات الدولية والتشريعات الروسية. وإذا كان هناك اي اتهامات بتسريب الاسلحة الى طرف ثالث من شركائنا، فنحن نطلب الدلائل الواضحة وسنحقق في هذا الموضوع».
وبعد لقائه الرئيس بري، أعرب لافروف عن ارتياحه لمصادفة زيارته الى لبنان مع رفع الحصار الاسرائيلي عنه، آملاً ان يكون هذا الأمر خطوة عملية للبدء بنشاط اكبر للاستقرار في لبنان.
إلى سوريا
وفي دمشق، التقى لافروف كلاًّ من الرئيس بشار الاسد ونائبه فاروق الشرع في حضور وزير الخارجية وليد المعلم ونائبه فيصل مقداد وسفير روسيا في دمشق روبير ماركاريان. وأفادت وكالة «سانا للأنباء» بأن اجتماع الرئيس السوري مع الوزير الروسي تركّز على تطورات الاوضاع في المنطقة ولبنان، وضرورة التزام اسرائيل تنفيذ بنود القرار 1701، وفي مقدمها الانسحاب من جنوب لبنان، وكان تأكيد على اهمية العمل لاغتنام فرص السلام، إذا وجدت، وتحقيق السلام العادل والشامل، ودور روسيا في تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة.
كما أكّد لافروف حرص بلاده على العمل مع سوريا بهدف التوصل الى تسوية شاملة للصراع العربي ــ الاسرائيلي في جميع المجالات.
من جهته، أكّد الشرع خلال لقائه لافروف أن الطريق لتحقيق الاستقرار في المنطقة واضحة المعالم، وتتمثل بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي وفق قرارات الامم المتحدة، مشيراً الى أن التطورات الاخيرة ابرزت الحاجة الى تعاون دولي واسع بعيداً عن هيمنة القطب الواحد والغطرسة الاسرائيلية.
وفي «تل أبيب»، استقبل رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت الوزير لافروف مساء على أن يلتقي الاخير اليوم وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني قبل توجهه الى رام الله للاجتماع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.