ما إن صدر نداء المطارنة الموارنة حتى بدأت أوساط الأكثرية هجومها على الرئاسة، والإيحاء بأن النداء كان صفعة للتيار الوطني. كيف تقرأ أوساط التيار النداء؟
غسان سعود

أوساط التيار تؤكد أن «مسيحيي 14 شباط روّجوا قبل أيام من صدور النداء السابع أن المطارنة سيدعون إلى استقالة رئيس الجمهورية، ولمؤتمر عام للموارنة لاتخاذ خطوات تؤدي الى استعادة دور الرئاسة الأولى. إلا أن البيان أثار خيبة هذه القوى التي كانت تُحضّر خطة عمل انطلاقًا من ذلك، فعمدت إلى تغيير استراتيجيتها بناء على النداء لتجديد المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية».
ويرى المهندس جبران باسيل، عضو لجنة الاتصالات السياسية في التيار الوطني الحر، أن البيان «لامس طموحاتنا لجهة التطرق بجرأة إلى المشاكل التي كان يفترض أن ترحل مع سوريا. وما أشار اليه النداء من تهميش للمسيحيين كان في اتجاهين موازيين: تهميش الرئاسة الأولى، وسياسة الإقصاء. فتحدث المطارنة عن أنانية تفتك بالفئات والطوائف، وكأن الوطن ملك لها، وعن حشد زعيم كل من هذه الطوائف أزلامه ومحاسيبه في الوظائف والدوائر الحكومية فوق حاجة الدولة».
ولفت باسيل إلى حديث المطارنة عن «أربعة أمثلة لتفرد جماعة طائفية بموقف له عواقبه على البلد. لكنهم ذكروا ثلاثة فقط، فيما الرابع يتعلق بالتفرد بالقرار من قبل فريق سياسي منذ عام 1990». ورأى أن المطارنة «بلغوا حداً متقدماً جداً في الجرأة لجهة توصيف الحال اللبنانية، والتحذير من حتمية وقوع انفجار جديد إذا لم يُحترم التوافق».
أما أبرز ما قدمه البيان الأخير، وفقاً لقراءة التيار، فهو «اقتراح حلول تتلاقى حرفياً مع كلام الرئيس ميشال عون، وخصوصاً في ما يتعلق بالأمل بأن تكون التجارب المتكررة قد علمتنا جميعاً أن سياسة الأحلاف تؤذينا أكثر ممّا تنفعنا، وبخاصة إذا تفردت بها طائفة دون الدولة. وأننا نريد أن نصادق جميع الناس بقدر ما يريدون مصادقتنا. وتضمنت هذه الخاتمة الرؤية الأساسية لفكر التيار الوطني الحر وسلوكه، وهي اختصرت ما يردده العماد عون منذ توقيع التفاهم مع حزب الله وقبله وبعده».
واستغرب باسيل ما يُشاع في بعض الأوساط، وعبر بعض الصحافيين، عن استرداد المطارنة للمبادرة. مؤكداً أن البطريرك مار نصر الله بطرس صفير «لا يسعى الى هذا الدور». مشيراً إلى أن «الفريق الأكثري كان سبب إفراغ موقع الرئاسة الأولى وتهميش المسيحيين، فمنع الممثل الرئيس للمسيحيين من لعب دوره. وحتى الأطراف الداعمون للرئيس إميل لحود، والتيار لا يجمعه تاريخ وفاقي معه، قبلت مبدأ تغيير الرئيس. لكن ثمة فريقاً متسلطاً لا يريد أن يحترم خيار المسيحيين، ويتمسك بالاستمرار في تنفيذ الاستراتيجية السورية في تهميش المسيحيين. وهذا الفريق يتحمل وحده مسؤولية منع الحل».
وحذر باسيل من التلويح باستعمال ورقة الرئاسة الأولى، لمنع التغيير الحكومي. مشيراً إلى أن للرئيس «شرعية البقاء في موقعه حتى انتهاء ولايته. أما الحكومة فتخضع للتغيير بشكل مستمر. ويمكن تغيير رئاسة الجمهورية، فقط، في ظل احترام التمثيل الشعبي أو الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة».
وتوقف باسيل عند خيار الحرب والسلم. فأكد أن التيار «يرفض اتخاذ أي قرار إلا بالتفاهم بين كل اللبنانيين. وقرار الحرب والسلم يعدّ جزءاً من قرارات سياسية واقتصادية واجتماعية تأخذها الدولة. ويجب أن يشارك اللبنانيون في كل هذه القرارات، لا أن تثير الأكثرية النيابية هذا الموضوع في ما يتعلق بالقرارات التي لا تضع يدها عليها فقط».
وأسف لاستمرار بعض «المسيحيين الهامشيين بالتفيؤ في ظل بكركي لتغطية فشلهم وعجزهم»، مشدداً على ضرورة «احترام البيان بأكمله من دون انتقائية. وخصوصاً أنه بدأ بالكلام عن الأمل وبعث الرجاء في نفوس اللبنانيين، وتخطي شعور اليأس. وهي الثقافة التي سعى العماد عون لنشرها منذ اليوم الأول للعدوان».
من جهته، أكد النائب سليم سلهب، أن تكتل التغيير والإصلاح يُوافق مجلس المطارنة في كل النقاط التي أثارها من دون استثناء. وخصوصاً «رفض التفرد بالقرار». وأوضح أن شكوى المطارنة «لا تنحصر في تهميش الرئاسة. بل إنّ هناك أسلوب تعامل مرفوضاً تماماً، تمارسه الحكومة، وخصوصاً إزاء القرارات الوطنية، واستمرار رفض الأكثرية النيابية لمنطق الوحدة الوطنية التي تعبّر عنها حكومة الوفاق الوطني».