strong>«هجمة» مستثمرين تعزّز القيمة التأجيرية وتعوّقها خلافات حول الملكيّةكعاشق يترقّب قدوم حبيبته، يمكن وصف حال الانتظار القلِق لأصحاب المحالّ التجارية في الناقورة. تلك المحال الرابضة بخط طولي، أمام مقر قيادة قوات الطوارئ الدولية «اليونفيل»

كامل جابر
باتت منطقة الناقورة مقصد مختلف المستثمرين اللبنانيين وأصحاب المؤسسات التجارية والسياحية المعوّلة على قدوم نحو خمسة عشر ألف ضابط وجندي من الأمم المتحدة، جلّهم من أوروبا، هذه المرة. ها هو «اليورو» قادم إذاً بعد أفول مجد الحركة التجارية في الناقورة غداة التحرير.
وتعزو آمال السيّد، صاحبة أحد دكاكين الناقورة، سبب ازدهار منطقة الطوارئ تجارياً في فترة الاحتلال، إلى أنّ «المنطقة لم تكن مفتوحة على خارجها كما جرى بعد التحرير حين صار بإمكان أبناء الناقورة والقرى المجاورة شراء حاجياتهم من أكثر من مكان».
في الناقورة مشكلة غير منتهية بين أصحاب الدكاكين وصاحب الأرض التي بنيت عليها في عهد الفوضى والاحتلال. وهذا ما جعل القضية في عهدة القضاء والمحاكم، بعد ادّعاء صاحب الأرض هنري صفير على من بنى على أرضه، التي يُعدّ مقر الطوارئ جزءاً لا يتجزأ منها، وهي تمتد من قرب جسر «العين» شمالي الناقورة حتى آخر نقطة عند الحدود، بخط طولي يصل إلى حدود ثمانية كيلومترات.
ويطالب أصحاب الدكاكين بتعويضات عن البناء. لذلك اتخذت البلدية قراراً ألصقته على جميع الدكاكين المقفلة، يمنع استخدامها، من دون العودة إلى البلدية. وهذا ما عزاه البعض إلى «أن البلدية لا ترغب في اتساع دائرة المشكلة مع صاحب الأرض، كذلك رغبة منها في عدم استثمار هذه الدكاكين من قبل مستثمرين من خارج حدود الناقورةأما المحالّ الخاصة، وهي قليلة، فقد ارتفعت قيمتها التأجيرية من ثلاثمئة دولار أميركي، إلى ما يفوق الألف دولار، بحسب تأكيد محمد حمزة الذي يستثمر بعض الدكاكين لبيع الهدايا التذكارية، و«هي تجارة مربحة في الناقورة»، ويملك مركزاً تجارياً عند مدخل البلدة.
يضيف محمد: «أتوقع أن تزدهر المنطقة عشرين ضعفاً، بفضل العدد الكبير للعسكر القادم إلينا من أوروبا وغيرها. الناقورة هي مركز القيادة، مما يعطينا حافزاً بأن الشغل سيكون أكثر بكثير مما كان عليه، وخصوصاً بعد التحرير، إذ تراجع عديد الطوارئ كثيراً، وتبدلت جنسيات من بقوا من النروجيين والفنلدنيين والسويديين، إلى الغانيين والهنود والبولنديين والأوكرانيين. الأوروبيون أغنياء ويدفعون بسخاء. لذلك تشهد المنطقة، منذ أسبوعين إقبالاً كثيفاً ممن يريد الاستثمار هنا، من جونية وبكفيا وزحلة والدامور والعديد من المناطق الجنوبية. يريدون فتح مطاعم ومصارف وغيرها. كنت أؤجّر المحل بثلاثمئة دولار أميركي في الشهر. دفعوا لي ألف دولار ولم أقبل، بانتظار التأكد من نزول قيادة الطوارئ الجديدة وضباطها وعناصرها هنا في الناقورة».
تعدّ المحالّ والدكاكين أمام مقر «اليونفيل» السوق التجارية لبلدة الناقورة والمنطقة الحدودية. ومعها ازدهرت سابقاً بعض البلدات الجنوبية كإبل السقي حيث كان مقر الكتيبة النروجية قبل رحيلها، كذلك تبنين حيث مقر الكتيبة الإيرلندية، والشهابيّة التي شكّلت سوقاً كبيرة لمختلف كتائب «اليونيفيل».
وبسبب ذلك، تعلم أبناء هذه البلدات وأصحاب المحالّ العديد من اللغات. يتقن حمزة مثلاً سبع لغات: «إلا الصينية، لم نتمكن من تعلمها». لذلك يُحضر الجنود الصينيّون معهم جهاز كمبيوتر محمولاً، يكتبون ما يريدون بلغتهم، ويترجم لهم الكومبيوتر إلى الإنكليزية. لكن مع القادمين من أوروبا، لن تكون هناك مشكلة». كذلك، يشير حمزة، إلى أنْ لا مشكلة في «استبدال الدولار الذي نبيع به حالياً باليورو. البعض صار يصرّف بنفسه ويشتري بالليرة اللبنانية». أمّا أكثر الهدايا المطلوبة، بحسب حمزة، فتلك التي تحمل شعار «حزب الله» وصور أمينه العام السيد حسن نصر الله. وقد «طلبوا منّا تي شيرت تحمل صورة السيّد حتّى يحملوها كتذكار إلى أولادهم وأقاربهم».
في الفترة التي تلت التحرير، تراجعت حركة البيع في بعض المحال في الناقورة، وخصوصاً تلك المختصّة بالتصوير الفوتوغرافي ومعدّاته. واليوم، يعوّل أصحابها على المرحلة المقبلة التي يمكن أن تنعش دكاكينهم بعد طول فتور. بيد أن ثمّة قلقاً يساور تجّار الناقورة، وهو «أن تتبدّل مواقع الكتائب القادمة إلى الجنوب ومقرّاتها، فتتمركز في غير الناقورة».