راجانا حميّة
اثنا عشر طفلاً فقط اتّصلوا. الخبر كان مفاجئاً للطبيب المسؤول، الذي كان يتوقّع «أضعاف هذا العدد»... ربّما «مئة أو مئتين»، فالحرب لم تكن عادية بنتائجها ولذلك كان من المفترض أن تكون نسبة المنتسبين إلى هذا البرنامج «هائلة إذا ما أمكن القول»، لكن المؤسف «أنّنا لم نحظ بشرف الانتشار»...
لم يستقطب مشروع «المعالجة المجانية لأطفال لبنان المصابين في الحرب» الكثيرين، واقتصر عقب أربعة ايّام من الإعلان على اثني عشر طفلاً «فقط لا غير حتى هذه اللحظات»، على الرغم من وجود المئات ممّن هم بحاجة إلى هذه المبادرة.
ويقوم المشروع الذي تتبنى تكاليفه «جمعية خدمة الأولاد» (الفرنسية ــ السويسرية) على «معالجة الأطفال اللبنانيين ضحايا الحرب الإسرائيلية»، ويستهدف «الذين يعانون حروقاً بالغة تعوق تحركاتهم، وقروحاً مزمنة إضافة إلى الذين خسروا بعض أعضاء جسدهم بالبتر».
وأول اهتمامات هذا المشروع، بحسب الطبيب المسؤول رياض سركيس، هم «ضحايا الحرب الإسرائيلية الأخيرة»، إذ حقّقت «هذه الحرب أرقاماً قياسية في أعداد الأطفال المصابين». لكنّ ذلك لا يُبعد فكرة أن تضم الحملة «أطفالاً أصيبوا في حروب سابقة».
ويشير سركيس إلى أن الأعمار التي يجري العمل عليها في هذا البرنامج تتراوح «بين سنة وست عشرة»، متبنّياً معادلة أن «كل طفل يتّصل بالمشروع سوف يؤخذ» في محاولة لزيادة العدد قدر الإمكان، وذلك «كيلا نخسر المموّل!».
خسارة المموّل «صعبة جدّاً»، أما الإجراءات المطلوبة للمباشرة بالعلاج، فهي تتطلّب «تفصيلات صغيرة تتعلّق بأوضاع العائلة من النواحي كلها»، وذلك لضمان أنّ المساعدة «ستصل إلى من يحتاج إليها».
وفي تفاصيل المشروع، يعدّ مسؤولو البرنامج، بعد استكمال العدد المطلوب، ملفّاً كاملاً عن كل طفل مصاب وعن عائلته، يتضمّن اسمه وحالته الصحية والنفسية، إضافة إلى ملفّ آخر يتضمن معلومات عن الحالة المادية للعائلة. وعقب جمع هذه المعلومات، يبدأ العمل على ترتيب الحالات بحسب «درجة خطورتها» ومن ثم إرسالها إلى مكتب الدراسات في سويسرا.
يأتي الردّ من سويسرا بإرسال فريق اختصاصيين في الجراحة العامة واختصاصيين نفسيين، ويحدّد العدد بناء على طلب المركز في بيروت.
ويقول سركيس إنّ استدعاء العائلات يكون بناءً على أمرين اثنين «أوّلهما عمر الطفل المصاب وثانيهما المشكلة الصحية التي يعانيها». ومن ثمّ، يعاين الاختصاصيون الاطفال ويحدّدون نوع العلاج، على أن يصار بعد ذلك إلى استئجار مستشفى لإجراء العمليات المطلوبة. وإذا لم تتوفر المعدّات اللازمة للحالات الصعبة «ينقل الطفل المصاب الى فرنسا أو سويسرا للمعالجة والتأهيل».
وأشار سركيس إلى أنّه «عقب الانتهاء من العمليات الجراحية، يأتي العمل مع الطفل لإعادة ثقته بنفسه، فهو بحاجة إلى الكثير من الجلسات لاستعادتها»، لكن مشكلة هذه الجلسات أن «أطباءها أجانب، لذلك سوف يُستعان بأطبّاء محليين عرضوا المساعدة المجانية أيضاً». وتستغرق فترة إقامة الأطبّاء الأوروبيين أسبوعاً فقط، تجرى خلالها العمليات الجراحية والعلاجات النفسية. وبناء على هذه التجربة، سوف يتحدّد موقع لبنان الاستشفائي، لأنّه، بحسب سركيس، «إذا ما نجحت التجربة، فستستمر المبادرة سنوات قد تصل إلى خمس، وبناء عليها سيُعدّ لبنان المركز الاستشفائي الوحيد في الشرق الأوسط».