قصّة جديدة تضاف إلى عشرات القصص التي تتحدث عن الأخطاء الطبية التي تودي بحياة مرضى لا ذنب لهم إلاّ أنهم قصدوا هذا الطبيب أو ذاك طلباً للعلاج. وإذا كانت “الأخبار” لا تتبنى آراء أصحاب هذه القصص، فإن ذلك لا يمنع نشر هذه الرواية.
لم يتحقق حلم هبة ابنة الـ 26 سنة من وضع مولودها الثاني الأنثى التي حملتها في رحمها ثمانية أشهر، وكانت تنتظر رؤيتها بفارغ الصبر لتكون قرّة عينها إلى جانب شقيقها البكر. لقد خطفها القدر بعد أن وضعتها جثة، ولكن ما زاد آلامها ومأساتها احتمال وفاة الجنين نتيجة خطأ الطبيب الذي أشرف على مراقبة الأم وعلاجها.
هبة الفلسطينية الجنسية، والمصابة بالضغط والزلال، سبق أن أجهضت جنيناً آخر على يد الطبيب نفسه، و “في المستشفى نفسه” كما قالت.
في منتصف الشهر الثامن لحملها الأخير وبغية بقائها تحت مراقبة طبيبها لضمان نجاح عملية الولادة، حضرت رنا برفقة زوجها إلى المستشفى للمعاينة والاطمئنان فقط، وخاصة أن التقارير السابقة كانت تشير إلى سلامة الحمل، وأن الجنين الأنثى بصحة جيدة ووزنها يقارب ثلاثة كيلوغرامات. إلا أن الأمور لم تجر كما اشتهت الأم التي روت لـ “الأخبار” كيف كانت تشعر بنوبات الطلق التي تنبئ بقرب مخاض الولادة، وأنها كانت قد طلبت من طبيبها أن يسارع إلى توليدها، لكنه كان يقول: “انتظري خليه ببطنك أفضل”. استمر الوضع على هذا المنوال حتى يوم الأحد الماضي حيث ارتفعت وتيرة الطلق، وهو ما ينذر بإمكان حصول الولادة، إلا أن الطبيب أمر بإعطائها حبوب الـ (Ipradol) لتخفيفه، فلم ينجح في ذلك، وعاد ليطلب وضع الدواء في المصل. وبقيت هبة على هذه الحال، إلى أن شعرت بأن بطنها “تحجر”، فسارعت الممرضة إلى فحص نبض الجنين المتقطع وتصرخ “أطلبوا الحكيم” ،وبعدها عمدوا على إنزالها بسرعة إلى غرفة العمليات التي بقيت تنتظر فيها لوقت طويل قبل أن يصل الطبيب. أما الزوج الذي بدا في مرارة خسارة طفلته المنتظرة فيروي وهو في غصّة كيف “أن طبيب التخدير وصل بعد ساعة تقريباً ومعه طبيب زوجتي الذي لم يكن مكترثاً لما يحلّ بنا وقررا إجراء عملية قيصرية استغرقت وقتاً طويلاً خرجوا يزفون لي خبر وفاة طفلتي ويبرئون ذمتهم من “جريمة” قتلها إهمالاً ولا مبالاة”.
إثر الحادثة ألفت إدارة المستشفى لجنة طبية للتحقيق فيما إذا كان هناك تقصير بعد مطالبة الأهل بذلك، على أن ينطلق التحقيق من الاستماع إلى أفادات الممرضات، وقد خلصت اللجنة إلى وضع تقرير ينفي حصول أي خطأ أو تقصير في عمل الأطباء والمستشفى . أما الطبيب الشرعي حسين شحرور الذي كلّف بالتدقيق في الحالة بناء على طلب الزوج الذي لم تقنعه رواية لجنة المستشفى، فتحدث في تقريره عن “العديد من التجاوزات، منها التأخر في وصول طبيب البنج، بالإضافة إلى تقصير طبي”، إلاّ أن المدير التنفيذي للمستشفى أصر على عدم التحدث في انتظار تحقيق نقابة الأطباء، وأكد إحالة طلب التحقيق في هذا الملف على نقابة الأطباء .
بدورها اتصلت “الأخبار” بنقيب الأطباء الدكتور ماريو عون الموجود في كوبنهاغن وسألته عن رأيه في هذه القضية، فدعا جميع المتضررين من أي عمل طبي إلى تقديم شكوى أمام النقابة التي تحيل بدورها هذه الشكوى على لجنة التحقيق في النقابة، حيث تجري الأخيرة تحقيقاً وفقاً للأصول وتصدر تقريراً مفصلاً في مهلة لا تتعدى الأسبوعين.