وفاء عواد
فيما تلملم الضاحية الجنوبية لبيروت جراحها، في انتظار إزالة آثار الحرب الإسرائيلية وعودة الحياة فيها الى ما كانت عليه، يبدو أن مسألة إعادة بنائها ستكون رهناً بالانقسامات على الساحة اللبنانية، ولا سيما في المجلس النيابي. فبين رأي يصرّ على محو ذاكرة هذه البقعة وتحويلها "منطقة حضارية" ولو تطلّب الأمر أشهراً إضافية تدخل بالتأكيد في حسابات الأهالي "المشرّدين"، ورأي آخر يطالب بالإسراع في إنجاز العمل و"عدم ترك الناس في الشارع"، وفي ظل بوادر انقسام حول الجهة التي ستكلف إعادة الإعمار، تبقى الأسئلة رهن المناقشات: هل ستعود الضاحية الى ما كانت عليه قبل 12 تموز؟ أم سترسم لها خريطة جديدة تبدّد معالمها؟ وما هي خطة الحكومة في هذا الخصوص؟
الموضوع بدأ طرحه في مجلس النواب، وناقشته لجنة الأشغال العامة النيابية في جلسة عقدتها أمس برئاسة النائب محمد قباني، كبند أساس على جدول أعمالها، في حضور نائب رئيس مجلس الإنماء والإعمار آلان قرداحي، فيما أثار غياب رئيس المجلس نبيل الجسر حالاً من الاعتراض لدى أعضاء اللجنة والمشاركين كونه معنياً أساسياً بالأمر، ما دفع أحد نواب اللجنة الى تفسير الغياب بأنه "استهتار وتهرب من تحمل المسؤولية".
وقال مصدر نيابي شارك في الاجتماع لـ"الأخبار" إن الحكومة "لم تجب حتى الآن عن الأسئلة التي وجهت إليها من لجنة الأشغال في شأن إعادة الإعمار، وتحديداً في الضاحية"، وكل ما قدّمته هو "إبراز نسخة عن العقد الموقع مع الواهبين لإعادة بناء الجسور".
وأشار عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب أمين شري الى وجود "حالة تشويش" تستهدف واقع الضاحية الجنوبية العمراني، مؤكداً عدم وجود مخالفات في بنيانها كما يشاع "فهي غير مبنية عشوائياً"، وأعلن موقف كتلته من عملية تلزيم الإعمار "لإعادة البناء وليس التنظيم"، قائلاً: "نرفض أي شركة عقارية أو أي مؤسسة عامة، ونؤيد فكرة التلزيم لشركات خاصة، شرط وجود آلية مرنة، ضمن التوافق مع البلديات"، غامزاً من قناة وجود "أزمة ثقة بين الناس والدولة".
في المقابل، دعا قباني الى ضرورة إعادة بناء الضاحية "بأفضل طريقة"، و"لا مانع إن تأخر العمل ستة أشهر"، مقترحاً أن يكون مجلس الإنماء والإعمار هو الجهة المركزية المكلّفة عملية الإعمار، و"إن كان هذا الأمر ما زال خارج الاهتمام الفعلي التنفيذي".
كما أشار قباني، في تصريح أدلى به، الى وجود لجنة كلّفها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة درس موضوع إعادة الإعمار، وخصوصاً بالنسبة الى إعادة إعمار الضاحية الجنوبية، وهي تضم ممثلين عن مجلس الإنماء والإعمار ووزارة وصندوق المهجرين والدوائر العقارية، إضافة الى المدير العام للتنظيم المدني، ورؤساء بلديات الضاحية الأربعة وممثلين عن حزب الله وحركة أمل.
ومن ضمن توصيات اللجنة، أكد قباني أنه "لا تجوز إعادة إعمار المناطق المدمّرة كما كانت تماماً، وخصوصاً الضاحية. وذلك، وفق الأسس الآتية: مراعاة أصول التنظيم المدني، مراعاة أصول السلامة العامة، الحفاظ على حقوق الناس، والإسراع في التنفيذ".