جورج شاهين
الى جانب الهموم المتعددة التي يختزنها لبنان لدى قادته وسياسييه، اضيف هم جديد اختير له عنوان “الهم الحكومي”.
وثمّة إجماع قل نظيره على اعتبار هذا الهم القاسم المشترك الذي ادرج على لائحة الأولويات، سواء لدى انصار الحكومة أو مناهضيها، ومردّ ذلك أنه، رغم القراءات المختلفة للتطورات الأخيرة، اعتُبر كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اول من امس، بمثابة “الطلقة” التي تمثّل الإشارة الى بدء السباق.
ولئن تريثت بعض المراجع الحزبية والسياسية في إبداء الرأي سلباً ام ايجاباً، فإن سبب التريث هو ضرورة احتساب المواقف هذه المرة “بميزان الجوهرجي” وانتظار انكشاف بعض الأوراق على المسرحين الداخلي والإقليمي وسط تعدد السيناريوهات المتداولة.
ويعترف اكثر من مصدر مطلع في فريق الحكم او في المعارضة، بأن ميزان القوى المتعادل الى “حدوده المحيرة” بات على محك التجربة، ولن يكون امام هواة اللعب “على حد السكين” الكثير من هامش الحركة، فالأسابيع القليلة المقبلة ستفرز المواقف بشكل حاد بين ابيض وأسود، وسيضيع بينهما بالتأكيد اللون الرمادي.
ويقول مسؤول من قوى 14 آذار: “ان المعركة باتت حتمية وقد أعدّت “الأقلية” العدة لها ووزعت الأدوار على نحو يكاد يكون نهائياً، وما الاطلالة الأخيرة للسيد حسن نصر الله الا الدلالة على ما بلغه الوضع من مراحل متقدمة رغم انه يبدو على نار هادئة تأخذ في الحساب الحاجة الى أن تشرف الحكومة الحالية على اجراءات تنفيذية تتصل بما فرضه القرار 1701 من خطوات لا يمكن احداً تجاهلها، لا بل عليه واجب تسهيلها الى الخطوات النهائية المقررة توصلاً الى اتفاق لوقف النار يضع حدّاً نهائياً للزلزال الذي احدثه العدوان الإسرائيلي وتردداته على كل المستويات”.
ويضيف: “نحن اليوم على قاب قوسين أو أدنى من هجوم مركّز له، على الأقل، هدفان: فبالإضافة الى حاجة قيادة المقاومة لاستيعاب ما تسميه “الأحتقان الشعبي” على خلفية روايات يقترب بعضعها من “الأساطير” عن “محاضر جلسات واتفاقات عقدت في الغرف المغلقة” ويجري تداولها عبر الإنترنت واجتماعات الخلايا الحزبية والقيادات الوسيطة، هناك مرحلة من الاستعداد لتعبئة القواعد الحزبية تمهيداً للانتقال بها الى العلن، وقد يكون الشارع مسرحاً لها”.
وفي المقابل، لا يخفي مقرّب من التحالف المعارض وجود مثل هذه الاستعدادات الحزبية والشعبية والطالبية والنقابية للمرحلة المقبلة من دون حاجة الى “فبركة الروايات”، فالوقائع تكفي لإجراء المراجعة السياسية والوطنية لمواجهة المرحلة المقبلة بمسؤولية وواقعية، بعيداً عن ضخّ معلومات مفبركة بشأن ما رافق العدوان من تصرفات تضع ابطالها في اقفاص الاتهام، وإن الرهان الحقيقي ليس على المحازبين والقواعد الحالية بقدر ما سيكون على من سيضاف اليهم من “الشارع” المقابل، او من الذين احتفظوا حتى الأمس القريب بمواقع الحياد، الأمر الذي سيحمل في طياته الكثير من المفاجآت.
ويضيف: “ان الإدارة الحـــالية للأزمة لن تستطيع المضي حتى النهـــــايــة في ادارة المرحلة المقبلة، والمسؤوليات تفرض الكثير من الواقعية والقليل من العنجهية ومن الرهان على متغيرات لن تأتي مهما طال الزمن”.
وما بين القراءتين للوضـــع، ثمّة اسئلة كثيرة تطرح في كل الاتجاهات، ومن الصعب توفير الأجوبة الفورية عنها. وما يمكن التوقف عنده هو ما نقل عن مراقب محايد إذ قال انه ما دام حجـــــم المعارضـــــة ثابتــاً حتى الآن، فالسؤال المرجّح: من يصمد اكثر، الحكومة أم الأكثرية؟.