إهدن- فيرا يمّين
الضاحية، الجنوب، البقاع... مناطق أصبحت محجّة للزوار، ومحطة للصحافيين الذين يأتون من أصقاع الدنيا ليقفوا على أرض الواقع. ومنهم من لا يكتفي بزيارة المناطق المستهدفة بل يجول في كل لبنان مستطلعاً الآراء ومستكشفاً المعالم، أو راغباً بالافادة من زيارة قد لا تتكرر.
إهدن، المصيف الذي احتضن نازحي الداخل، استقبل أيضاً الوافدين من الخارج. ففي ساحة الميدان، صحافيون من فنزويلا يرتشفون قهوة الصباح من دون أن يجدوا صعوبة في التأقلم، لأن العديد من أهل إهدن يتكلّمون الإسبانية، بحكم وجود جالية زغرتاوية كبيرة في فنزويلا. يعبّر هؤلاء الصحافيون عن ارتياحهم لكونهم جاؤوا من أرض «تشافيز» (بينهم من ليس «تشافيزياً» لكنّه يقدّر مواقف الرئيس الاخيرة التي جعلت منه رمزاً للنضال). ويؤكّدون أنّ القناة الرسمية لبلادهم كانت تغطّي العدوان يومياً، ورأوا في «المنار» سلاح المقاومة الثاني. فهم كانوا يتزوّدون منها قوّة أثناء وجودهم في لبنان، وخصوصاً في الاسبوع الاخير من العدوان الذي «استُعملت خلاله أسلحة ممنوعة، مهما أنكروا، لأن آثارها واضحة».
أنخيل بلاسيوس، عضو الوفد الصحافي الفنزويلي، استغرب انقسام اللبنانيين على المقاومة، وقال: «لو كنا لبنانيين لطالبنا بخروج اسرائيلي فوري قبل الكلام عن تطبيق 1701، خصوصاً أننا منتصرون». وأكثر ما لفت إدواردو فيلاروسيا هو «الشعب الحيّ الذي قدّم الشهداء ورفع شارة النصر». وكمن يريد إثبات صحّة موقفه، يسحب إدواردو صورة الجنوبي عباس الزين التي يدل فيها بيده اليمنى على شهدائه الأربعة الذين سقطوا، ويرفع باليد اليسرى شارة النصر. فيقول فيلاروسيا: «هل من شعب أقوى وأصدق؟».
وفي إهدن، التقينا منذ فترة المختطف الأميركي السابق في لبنان الكاتب والصحافي تشارلز غلاس (حزيران 1987). وكان غلاس، بعد اطلاقه، قد زار لبنان سنة 1997 ليعود فيقصده هذه السنة: «فهذا البلد أحبّه، وأعشقه، وجدّتي لأمي لبنانية، وبالتحديد زغرتاوية. وأنا تلقيت علومي في الجامعة الاميركية سنة 1973، واليوم أنا هنا لأراقب ما حدث في الجنوب وبيروت والبقاع، لأنقل صورة غير مشوّهة الى بلادي التي بدأت تتفاعل شعبياً مع ما يجري في لبنان، وبات لي أصدقاء عديدون من حزب الله».
وكان غلاس قد أصدر كتاب «عشائر وأعلام» وثّق فيه تجربته السابقة في لبنان. فهل من كتاب آخر؟ «ممكن، لكن... أي كتابة تفي اليوم؟».