أمال خليل
آلاف من الجنوبيين كانوا يسكنون الوحدات السكنية التي دمّرها القصف في الجنوب، والبالغة 6 آلاف وحدة مدمرة كلياً، و13 ألفاً مدمرة جزئياً. وما لا شك فيه أن فصولاً جديدة من المآسي ستأخذ مكاناً نتيجة عدم اتضاح خطة لإيواء الناس الذين فقدوا بيوتهم حتى الآن.

وإذ أفاضت الحكومة على الجنوبيين بالوعود، فإن تاريخها الطويل معهم لا يجعلهم مطمئنين لقرب حلّ مشكلتهم، ولا سيما أن شهر أيلول “طرفه بالشتي مبلولمجلس الجنوب لا يزال في طور مسح الأضرار ريثما تنهي الحكومة خططها حول آلية دفع التعويضات وإعادة الإعمار. وبحسب المهندس علي اسماعيل المسؤول عن مسح الأضرار من قبل مجلس الجنوب في منطقة صور، لا شيء يلوح في الأفق قريباً في ما يتعلق ببدء دفع التعويضات وإعادة الإعمار، ولا سيما أنّ الحكومة لم تضع آلياتها بعد، في ظل طلب دول معينة إعادة إعمار بعض قرى الجنوب. ويخلص إسماعيل إلى أن على الجنوبيين أن “يدبروا حالهم”. والوسائل المتاحة أمام الجنوبيين الآن هي: إما أن يقيموا لدى أقاربهم وإما أن يستأجروا شققاً جديدة وإما أن ينتظروا بيوت الحكومة الجاهزة.
بلدة زبقين ــ قضاء صور لم يسلم من بيوتها الـ250 سوى 17 بيتاً آهلاً للسكن تحاول بصعوبة استيعاب عشرات العائلات التي كانت لها بيوت قبل العدوان. في هذه البلدة التي يشبه ناسها بلاد الجنوب كلها، لا يضيق الأهالي ببعضهم، كما تقول إحدى النساء، “لكن هذا لا يكفي من بات لا يملك بيتاً يؤويه”. وهذا ما يجمع عليه سكان بلدة صديقين المجاورة التي فقدت 70 % من بيوتها “لأن المدة الزمنية ليست بقليلة حتى تقيم عدة عائلات في منزل واحد حتى إشعار إعادة الإعمار”.
وفي ظل عدم وجود قانون للإيجارات يحمي المستأجرين من استغلال الملاّك لحاجتهم، تقوم بلدية النبطية بمساعدة أهالي القرى المحيطة على إيجاد شقق للإيجار. وهي تعمد، بحسب رئيسها الدكتور مصطفى بدر الدين، إلى متابعة عمليات الاستئجار بين أصحاب المباني السكنية والمستأجرين لمنع أي محاولة لزيادة أسعار الشقق. وتشهد النبطية إقبالاً كبيراً للسكن فيها، ولا سيما من الضاحية الجنوبية وسكان القرى المجاورة. وقد تجاوزت طلبات السكن حتى الآن 60 ألفاً.
أما مدينة صيدا التي استقبلت الجنوبيين في الحرب فإنها تفضل ألا تفعل ذلك في السلم. ويبرر رئيسها الدكتور عبد الرحمن البزري بأنهم يفضلون أن يبقى الأهالي ولو مؤقتاً في مناطق قريبة من سكنهم الأصلي في قراهم، لمواجهة مخططات إفراغ القرى من سكانها.
أما مدينة صور فلا يمكنها أن تستوعب سوى 10 % من سكان القرى المحيطة بسبب كثرة الوحدات السكنية المدمرة التي يحصيها رئيس البلدية عبد المحسن الحسيني بـ 4 آلاف وحدة مدمرة تدميراً كاملاً في قرى صور. لكنه في الوقت ذاته لا يرى “أن الحل قريب ما دامت الحكومة تكفّلت بتنفيذه”. وفي ما خصّ البيوت الجاهزة التي وعد الجنوبيون بها، فإن الحسيني يؤكد “أن وصولها، إن حصل، لن يتم في الوقت المناسب، أي قبل حلول الشتاء”.