الجنوب ــ داني الأمين
عيتا الشعب ليست حزينة مثلما يتصورها البعض. هي تشعر بلذّة مقاومة المحتل الذي سجنها، من قبل، ضمن شريطه، أكثر من عشرين عاماً. أحد المقاومين، ويدعى علي، يسخر من غباء الجنود الغزاة، فيقول، مشيراً بإصبعه نحو عدد من المنازل المهدّمة: “كان هنا أكثر من 150 جندياً إسرائيلياً، فقد تمكنوا من الوصول ليلاً، لكن غباء أحدهم الذي صعد إلى سطح أحد المنازل كشف أمرهم، فأصبحت هذه المنازل مقبرة لأكثر من عشرين منهم”. ويتابع علي: “وجدنا مجموعة من الجنود داخل أحد المنازل، فقام أحدنا بشتمهم ومناداتهم للخروج من مخبئهم، لكنهم لم يفعلوا؛ عندها قمنا برمي حجر إلى داخل المنزل فهربوا إلى الخارج معتقدين أن الحجر هو قنبلة يدوية. عندها أطلقنا النار عليهم وقتلنا عدداً منهمالحذر والترقب بين أهالي رميش وعيتا الشعب دُفنا الى أبد الآبدين. فتضامن أهالي رميش مع النازحين كان له عميق الأثر في نفوس أهالي عيتا الشعب.
أحد المقاومين في عيتا الشعب يقول: “أثبتت هذه الحرب وجود الوحدة الى أبعد حدودها”. ويتابع: “في اليوم الثاني من العدوان، وبعد التهديدات التي وجهها الإسرائيليون عبر مكبرات الصوت إلى اهالي البلدة، استقبلت رميش أكثر من 7500 نازح. وقام أبناؤها بإيوائهم وتقاسموا معهم الطعام والشراب برغم الشحّ الذي عانته رميش طوال أيام العدوان”. أما أحد المسؤولين عن عناصر حزب الله في عيتا الشعب فيعطي أهمية للتفاهم بين “التيار الوطني الحر” بين حزب الله في تحقيق هذا النوع من التضامن والوحدة ويقول: “نحن في صدد تأليف وفد من البلدة لشكر أهالي رميش على ما أبدوه من تضامن”.
شادي كلاكش (أحد ابناء بلدة رميش) يروي كيف تألم أهالي بلدة رميش عندما نزح الآلاف من أهالي عيتا الشعب إلى بلدتهم، ويقول: “كان مشهداً محزناً للغاية”. ويتابع كلاكش الذي كان يؤوي في منزله 13 فرداً من عيتا الشعب: “كنا نحزن لحزنهم ونخاف على شبابهم مثلما يخافون هم”.
العديد من نسوة عيتا الشعب رفضن مغادرة البلدة أثناء العدوان الأخير، بل فضّلن البقاء لمناصرة شبابهن وتأمين الطعام لهم.
أحد المجاهدين اشار إلى أن “بعض النسوة كنّ يأتين إلى بيوت المقاومين لإيصال الخبز لهم برغم خطورة التنقل”. ويتابع: “الشباب كانوا يؤمّنون الطحين والنساء يخبزن”. عاتكة سرور صمدت مع عيالها طوال 22 يوماً، تقول: “كنت أخبز كل يوم 12 عَدّة (240 رغيفاً) ويأتي الشباب لتوزيعها على مجموعاتهم، إضافة إلى طبخ ما يتيسر لنا من الطعام”.
أحاديث الصمود في عيتا الشعب لا تنتهي، لكن الأهالي بدأوا يتحدثون عن صمود من نوع آخر يتعلق بمواجهة الإهمال والتقصير الذي تواجهه البلدة “مكافأة لها على صمودها الأول”.