تراجعت أمس حدة السجالات المتبادلة بين حزب الله وقوى 14 آذار، وبرزت في مقــابل ذلك دعـــــــوات إلى التـــــهدئة و«ضبط الألسنة والنفوس والعقول»، وضرورة الابتعاد عن تحريك النعرات الطـــــائفية والمذهبية، والســــعي إلى حماية الوحدة الداخلية. وكان من بين الدعاة إلى «وأد الفتنة» والتأكيد على الوحدة الوطنية، أحد أبرز المتساجلين أول من أمس.الرئيس سليم الحص، انتقد في بيان باسم منبر الوحدة الوطنية ــ القوة الثالثة، «الإسفاف الذي هبط إليه مستوى الخطاب السياسي في لبنان»، مشيراً إلى أنه «ينم عن عدم إدراك أطراف السجال لخطورة الوضع الذي تواجهه البلاد». وأخذ «على المكابرين إنكارهم على المقاومة انتصارها المبين في حرب إسرائيل الغاشمة على لبنان. فالصمود في وجه أعتى قوة في الشرق الأوسط ومن ورائها أعظم قوة في العالم هو الانتصار بعينه». وقال في المقابل: «لا نتفق في الرأي مع من يقول إن سلاح المقاومة باق ولن يمس. فما كان السلاح يوماً للسلاح، بل كان لتحقيق أهداف معينة بإقرار من حملته». وسأل مطالبي المقاومة بتسليم سلاحها إلى الدولة: «أي دولة يقصد هؤلاء؟ فالدولة التي نستظل اليوم هي دولة الطائفية والفساد والمحسوبية والتسلط والعقم على كل صعيد».
وذكّر النائب بطرس حرب بميثاق الشرف الذي التزم به المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني. ودعا إلى ضبط «الألسنة والنفوس والعقول»، معرباً عن حزنه من «الأجواء المتشنجة التي يغلب فيها خطاب التخوين والتهديد والتهويل». ونفى أن تكون وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قد أبلغت إلى الذين اجتمعوا معها في السفارة الأميركية أنهم سيقضون على حزب الله بكامله، ومن يبقى حياً منه سيعتقل ويسجن في غوانتانامو، وقال: «هذا أمر لم يرد إطلاقاً خلال الاجتماع الذي كنت حاضراً فيه».
وبعدما كان طرفاً في السجال أول من أمس، دعا النائب عمار الحوري، بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، إلى ضرورة عمل الجميع «لوأد الفتنة والارتقاء إلى مستوى المرحلة». وقال: «لا بد من أن نجيد التعامل مع حق الاختلاف في القضايا السياسية، لكن هذا الاختلاف يجب ألّا يصل بنا إلى مرحلة يكرَه فيها المواطنون نمط الحياة السياسية وندعو بعضهم بالتالي إلى هجرة هذا الوطن». وأكد الحاجة إلى «مبدأ الوحدة الوطنية، ومن أهم مكوناته الوحدة الإسلامية وأقصد بكل وضوح الوحدة السنية ــ الشيعية».
ورأى النائب علي خريس، في تصريح بعد استقباله وفداً من حزب الشعب الفلسطيني، أن «المرحلة خطرة وتستوجب تجاوز كل التشنجات الداخلية».
وفي المقابل، شن مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، هجوماً عنيفاً على حزب الله بدءاً من أمينه العام السيد حسن نصر الله مروراً بالنائب علي عمار من دون أن يسميه، وصولاً إلى اسم الحزب نفسه، ورأى أن النقد السياسي لحزب الله والمحاسبة السياسية والاعتراض على ما حدث «ليست طعناً في الظهر»، مشيراً إلى أن «من حق الشعب اللبناني الذي دفع الثمن غالياً، أن يحاسب من أخذه إلى الحرب من دون مشورة له (...) هذا في البلاد الديموقراطية، حيث لا عصمة فيها للشيخ ولا للسيد، ما دام يعمل على الساحة السياسية يخطئ».
وفيما رأى لقاء علماء بيروت أن «الوقت هو وقت لمّ الشمل والابتعاد عن التفرقة وشق الصفوف والمهاترات التي تضعف الجميع»، ساهم في السجال بالقول: «إن استخدام المنابر الإعلامية لبعض المتاجرين بالأسس الدينية لتجريح وتخوين القياديين الغيورين على مصلحة الناس والوطن، أصبح مكشوف الأهداف ويقع في خانة التآمر على المسلمين لسوقهم إلى مواقف وأوضاع ليست لمصلحتهم وتصب في خانة أعداء الأمة التاريخيين».
(وطنية)