strong>الاحتفال بذكرى بشير: حضور لغيفارا واللباس العسكري والتحذير بإحراق الشرق
نادر فوز

“عَ دعساتك”، “وعد يا لبنان”، “ذكرى بشير بتبقى عيد، شهيد الجمهورية”... على أنغام هذه الأغاني الكتائبية والبشيرية، حاول أمس حزب الكتائب و“مؤسسة بشير الجميّل” أن يجعلوا ذكرى اغتيال بشير الجميّل عيداً حقيقياً. وكما كان متوقعاً، كانت المناسبة ضخمةً إذ غصّت بازيليك سيدة الأيقونة العجائبية، دير الآباء اللعازاريين في الأشرفية، بعشرات آلاف المشاركين.
شبان من كل المناطق ومن كل الأعمار تجمهروا لإحياء الذكرى الرابعة والعشرين لاغتيال بشير ورفاقه، لكن البارز كان انقسامهم بين حزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية. غاب العلم اللبناني عن المناسبة لتحتكر الأعلام الحزبية الساحة، إضافةً إلى صلبان خشبية كبيرة ولافتات عديدة تضمّنت إحداها “نحن قديسو هذا الشرق وشياطينه، قادرون على إحراقه إن أحرقوا أصابعنا”.
عماد رفع علم القوات، لبس قميص غيفارا، ووضع نظارات تشبه تلك التي كان يضعها البشير. يثير هذا المزيج بين “القوات” وغيفارا العجب! “بيفهملنا راسنا”، يقول عماد عن غيفارا، ويضيف أنّ “الشهيد جبران تويني كان يضع صورة لغيفارا في مكتبه”. وسط “مزرعة” الـ“راي بن” البشيرية، تلتقي شاباً “عسكرياً” ببزّته الكاملة. ويوضح “هيدي كان يلبسها الشيخ وحمّلنا مسؤوليتها”. ويكمل “هيدي جايي يوم يلبسوها كل الشباب، بس أنا لابسها من هلّق”. الانقسام بين الكتائبيين و“القواتيين” كان واضحاً خلال الاحتفال. تداخلت الهتافات وتمازجت الأناشيد بين “بالروح بالدم نفديك يا نديم” من جهة، و“حكيم حكيم” من جهة أخرى. ومنهم من صفّق عند دخول “الشيخ” نديم وصولانج ويمنى الجميّل، ومنهم من أطلق العنان للـ“ووه”. لكن هذا الصوت الأخير كان مشتركاً بين الفريقين عند دخول ممثل التيار الوطني الحر النائب نبيل نقولا ومغادرته،
هذا الانقسام تغيّر كلياً لحظة دخول رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع باحة الكنيسة، فعلا التصفيق وأطلقت الشعارات والنداءات: “الله يحميك”، “يا لحود زيح زيح قصر بعبدا لسمير”... دخل “الحكيم” محاطاً بحرّاسه محيّياً الجماهير. ربما قرر استيعاب الكتائبيين وتوحيد الصف المسيحي اليميني، فكسر الجليد الذي لفّ علاقته بالكتائب، وكسر “القطيعة” التي باعدتهما.
“هيدا الحكيم، هيدا الحكيم” تقول سابين! تفرح وتقفز، تحاول تحسين رؤيتها. لكن التدافع و“أمن الحكيم” منعاها من ذلك. تبدأ بالحديث عن “الشيخ” ومشروعه لبناء لبنان حر وسيّد. علمت أنّ جريدة “الأخبار” تسألها، فشرعت تقول “بشير ما تعامل مع إسرائيل، بس كان بدو يحرر لبنان من الاحتلال السوري”.
في مطرح آخر قرر ثلاثة شبان الجلوس على انفراد عند إحدى زوايا الكنيسة لأكل الـ “تشيبس” وشرب العصير. “هيك نحنا منحتفل، مش منقعد نصرّخ” يقول أحدهم. “نحن مسيحيي، ما بتفرق معنا كتائب، قوات، تيار، أحرار، المهم مسيحيي”، يقول آخر.
كان التفتيش على مدخل الكنيسة دقيقاً جداً. في الصفوف الأمامية زحمة نواب ووزراء، رئيس الجمهورية السابق أمين الجميّل، ونجله بيار، جورج عدوان، نايلة معوّض، روبير غانم، عاطف مجدلاني، آغوب بقرادونيان، غابريل المر، جورج عدوان، بيار دكاش، نبيل نقولا، ميشال إده، كريم بقرادوني، إيلي غانم، فؤاد بو ناضر... وشخصيات عديدة حضرت الاحتفال. وألقى رئيس أساقفة أبرشية بيروت المطران بولس مطر عظة القداس التي تحدث فيها عن بشير ومشروعه “لبناء لبنان للجميع”.
أمام باحة الكنيسة، وقف نديم الجميّل، وألقى خطابه السنوي في ذكرى مقتل والده. قال “الجميع افتقد بشير قائداً يصنع مصير لبنان ويجسّد الحضور المسيحي الفاعل”. وتطرّق إلى “تهميش دور اللبنانيين في صياغة الشرق الأوسط”.
أضاف: “كفانا حروب الآخرين على أرضنا، وكفانا حروباً من أجل لبنان”. علا التصفيق وانفلتت الشعارات المعادية لسوريا وإيران و“حزب الله”. لم يردعهم “الشيخ نديم”، لكن عندما طاولت الجنرال عون تدخّل ليوقفهم. وأكد “ان هذه الحرب لم تكن حربنا ولا هذا السلام هو سلامنا” ثم انطلق في “مسيرة جديدة” لتوحيد الموقف المسيحي الذي اعتبره بأهمية “وحدة البندقية في زمن المقاومة”. وختم قائلاً “لا زعيم قوياً إذا كان وحيداً، بل هناك شعب قوي إذا كان زعماؤه متّحدين”.
بعدها توجّه الجميع إلى مركز الكتائب لوضع الأكاليل على نصب ضحايا 14 أيلول. وكان اللافت خروج كل من سمير جعجع وجورج عدوان ونديم وسولانج ويمنى الجمّيل معاً من الكنيسة وسط تدافع كبير بين المشاركين.