جورج شاهين
على غير ما كان متوقعاً، مرت جلسة مجلس الوزراء أمس في ظروف طبيعية وهادئة، كما أجمع معظم الوزراء لـ «الأخبار» من مختلف الاتجاهات، الذين تلمسوا من خلالها حجم الاتصالات التي جرت قبل الجلسة بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، ووسطاء آخرين عملوا على توفير الأجواء التي تحفظ وحدتها واستمرار عملها راهناً.
عُقدت الجلسة عصر أمس في المقر المؤقت في مبنى المجلس الاقتصادي والاجتماعي وسط بيروت برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وغاب عنها الوزراء إلياس المر، فوزي صلوخ، جو سركيس، سامي حداد وجهاد أزعور.
وعلمت «الأخبار» من مصادر وزارية أن السنيورة استهل الجلسة بعرض مفصل عن الوضع السياسي العام، وتوقف عند زياراته إلى السعودية ومصر والأردن ونتائج الاتصالات المتشعبة لمعالجة التطورات. وشدد على «صورة الوحدة الوطنية أمام العالم التي رسمناها خلال الحرب والحصار»، وشدد على أهمية الحوار من دون أي تشنج وتغليب المصلحة الوطنية، لافتاً إلى أن أموال المساعدات لم تصل بعد ليثار حولها ما يثار، شارحاً الطريقة التي ستصرف بموجبها.
وعلمت «الأخبار» أن الوزير طراد حمادة استهل الجلسة بتوجيه سلسلة أسئلة عن نتائج مؤتمر إعمار لبنان في استوكهولم مستغرباً عدم تعميم أية معلومات عن القرارات النهائية وأوراق الجهات المشاركة والمناقشات التي شهدها، لافتاً إلى أن لديه ملفات عن الكثير من المعلومات. ورد السنيورة على الأثر طالباً من الأمين العام للمجلس تعميم المحاضر على كل الوزراء.
وعلمت «الأخبار» أن جدلاً واسعاً دار عندما أثار الوزيران طراد حمادة ومحمد فنيش موضوع البند 32 على جدول الأعمال الخاص «بإعطاء ترخيص عام للطائرات التي تنقل أسلحة وذخائر للقوات الدولية بالتحليق في الأجواء اللبنانية أو الهبوط في مطاراتها»، ووجها سلسلة من الأسئلة التي تثير الريبة عن تحركات المراقبين الدوليين في المطار وأعمال المراقبة على مختلف أجزائه. وسجلا اعتراضاً على ما هو مطروح «وكأن المطار أرض سائبة»، وانضم إلى المعترضين
وزير الأشغال محمد الصفدي، رافضاً الانتقاص من مهام وصلاحية وزارته.
ورد السنيورة مؤكداً أن هذه الإجراءات في التعاطي مع القوات الدولية قديمة ولم تتبدل، وأن المراقبين في المطار لم ينجزوا بعد تقريرهم عن الأجهزة اللازمة لضبط المعابر وسينسحبون فور إنجازها. كما تحدث وزراء آخرون، وشرح الوزير أحمد فتفت الترتيبات على المعابر، مشدداً على أنها لم تخرج عمّا تنص عليه القوانين،
ووفق ما طلبه السنيورة من أنان وما طلبه هو.
وتم الاتفاق على تعديلات قضت بإعطاء العلم المسبق إلى وزارة الدفاع عبر الخارجية بمواعيد وصول الطائرات ونوعية حمولتها، على أن يستمر التعاطي مع أجهزة المطار عند الإقلاع والهبوط كما تنص عليه القوانين الدولية، وعندها سحب الوزراء اعتراضاتهم.
وعندما أثير موضوع ردات الفعل على محاضرة البابا، أبلغ السنيورة الوزراء بما جرى خلال اتصاله بالسفارة البابوية واستفساره عن المضمون كاملاً. وتدخل الوزير شارل رزق الذي سجل ملاحظته على مثل هذا الاتصال، وسأل عن أهمية تدخل لبنان، لافتاً إلى ضرورة أن تؤخذ المحاضرة كاملة من دون اجتزائها، فالبابا انتقد التعصب الأصولي بالمطلق الذي يضر بالإسلام إذا كان إسلامياً والإسلام منه براء، وبالمسيحيين إذا كان مسيحياً، وفي تراث الفاتيكان دعوات دائمة للحوار بين الأديان منذ أيام البابا يوحنا الثالث والعشرين في الستينيات، فضلاً عن تعاطف البابا الكبير مع لبنان. وعلى الأثر وافق الوزراء رزق، وأبرزهم الوزراء فنيش ومروان حمادة وطراد حمادة وغيرهم وشددوا على تطويق ردات الفعل. وانتقد فنيش ما تجاوزه نقل الاعتمادات وفق القاعدة الاثني عشرية أرقام الموازنة، فرد السنيورة بأن الحاجات الطارئة بسبب الحرب رفعت الأرقام، وسيُسوى الأمر لاحقاً في مشروع الموازنة المقبلة.
ورداً على تصريحات ميركل التي أثيرت، جرى نقاش مطول، وطلب السنيورة على إثره من الوزير العريضي أن يتضمن البيان الرسمي فقرة خاصة ترفض مضمون بيانها، وتؤكد أن لبنان لا يلتزم سوى ما نصت عليه الاتفاقات والقرار 1701 الذي لا يحتمل أية تفسيرات، وأن القوات الدولية جاءت لدعم الجيش اللبناني وأي كلام آخر لا يعني لبنان ولا يلزم أحداً.
وفي المعلومات الرسمية التي أذاعها وزير الإعلام غازي العريضي أن مجلس الوزراء جدد استنكاره للخروق الإسرائيلية للقرار 1701 وتحديها للشرعية الدولية، وناشد الأمم المتحدة تحمل مسؤولياتها، مؤكداً حق لبنان في استخدام كل الوسائل للحماية وإدانة إسرائيل، وتمسكه بمضمون القرار.