strong>أسئلة لم يفها النقل التلفزيوني المباشر الجواب ولا شفاها مضمون الخطاب لا يمكن المستمع الى كلام الجميل الشاب، امام الكنيسة العجائبية، الا ان يشعر ببعض من عجائب الزمن، كأن سنوات طويلة قد مضت على وقوف والدته في قريطم قبل سنة واحدة، جزءاً من “تحالف استراتيجي”، لم يوفره نديم في كلامه الانتقادي أول من أمس. وكأن عقوداً أطول قد مضت على الزمن الباريسي الذي جمع العائلة بميشال عون أعواماً طويلة، حتى وقف الجنرال في خلوة تياره المغلقة في العاصمة الفرنسية مطلع شباط 2005، وعشية عودته، موصياً أركانه وصية واحدة: “صولانج ونديم”. ولم يكن “رد الإجر” بسيطاً في الأشرفية أول من امس: كلام هو الأعنف، ولو من دون تسمية، مع استدراك بعد افتعال رد الجماهير المطلوب: “عيب يا شباب”... وكأن قروناً قد مضت على وصية سمير جعجع لزوجته من سجنه قبل ثلاث سنوات: “خلي صولانج حدك”، لتغيب الزوجة النائبة، وليجد جعجع نفسه مضطراً ليكون هو شخصياً “حد نديم”، الذي حرص على تذكيره بأن والده هو من “أطلق القوات اللبنانية وأنشأ كل مؤسساتها”. وهو كلام يعرف سمير جعجع معناه ويدرك تماماً توقيته ودلالاته والخلفيات.
هكذا لم يوفر نديم الجميل أحداً، لا ممن غابوا ولا من الذين حضروا في ذكرى الرئيس الراحل. انتقد عون على قاعدة انه “لا هذه الحرب كانت حربنا ولا هذا السلام هو سلامنا”. وانتقد جعجع على خلفية انه “لا يجوز للمسيحيين ان يتشاركوا في الوطن الا مع كل المسلمين اللبنانيين”. وانتقد كل السياسيين المسيحيين بالجملة، على قاعدة “وقف السجال والاتهامات المتبادلة”، حتى بلغ حد تذكير هؤلاء، بأن الرئيس الراحل حقق “وحدة البندقية في زمن المقاومة”، وهو ما يساوي اليوم “وحدة الموقف” أهمية! ثم انتقل نديم بعد جردته المسيحية ليمسح المقلب الآخر، فبدأ بالحلفاء، غامزاً من قناة “من يتخطى اصول التحالف” لان “التحالف لا يحلل الهيمنة ولا التفرد ولا الاستئثار”، ومحذراً من يجيز لنفسه “قضم دورنا الريادي”، ومنوهاً بأن التزام مشروع الدولة لا يكون على حساب دور المسيحيين ومسؤوليتهم. ثم انتقل الى أخصام المقلب الآخر نفسه، رافضاً ان تقرر “فئة وحدها مصير لبنان”، عازفاً على نغمة “حروب الاخرين” و “ضحية الصراعات الاقليمية والدولية”.
حاول نديم ان يستذكر والده عبر إلغاء الجميع. فاختصر: “سنظل نفتقدك... ما لم تطل قيادة...” من المقصود المنتظر؟ كل من ينجو من قول نديم له: “ليحد من درب الشباب”. وعلى الدرب لم ينج نديم نفسه من تناقضات عدة: الخطاب المسيحي من جهة و“المجتمع المدني الحديث” من جهة اخرى. انتقاد شامل في المضمون، ودعوة “الى وقف السجال والاتهامات المتبادلة” في الشكل. إقرار بخطورة الوضع في الأساس، وبقايا “ميغالومانيا” القومية اللبنانية، في التعبير، حيث يصير أي مس بالدور المسيحي المتداعي حتى النزع في لبنان، تهديداً لأمن المنطقة كلها! هكذا بدا نديم وكأنه يوجه كلامه الى كل الارض، باسم هيولية وضع مسيحي، ينشدها اهل السلطة اليوم بأي ثمن، وقال كلاماً مفهوماً في مثل هذا العمر: “حيدوا من الدرب”.
(الأخبار)