ثائر غندور
حدث... لم يحدث. تختلف الروايات في محور الشيّاح ــ عين الرّمانة، لكنّها تلتقي على ردّ الإشكال الأمني إلى شتائم وُجّهت لحزب الله وأمينه العام السيّد حسن نصر الله في ذكرى اغتيال بشير الجميّل. آليات الجيش اللبناني وعناصره موجودة بكثافة في المكان.
الطرف الأول، في الشيّاح، يقول إن شبّان عين الرمانة مزّقوا صور السيّد حسن نصر الله بالقرب من تقاطع شارع عبد الكريم الخليل، ثم شتموا الأمين العام للحزب، «وحاول شباب حركة أمل ضبط الوضع، ونجحوا»، كما يقول أحد الشباب في محل للحلاقة. ويضيف أن شباب «أمل» حملوا سلاحهم «لأن المنطقة مربع أمني»! لكن عاملاً في أحد المطاعم يؤكد حصول اشتباك بعيداً من أعين الجيش اللبناني، ووقوع جرحى في صفوف القوات اللبنانية. وعلى مدخل عين الرمانة، يجلس شاب في مقهى صغير. يتأكد أمنياً من القدرة على الكلام، ثم يطلب إخفاء الدفتر، ليقول: «عند الساعة الرابعة من فجر أمس حصل إشكال بين شباب القوات اللبنانية، ربما لأسباب شخصية». ويؤكد أن عشرات الشبان من حركة أمل كانوا على درّاجاتهم النارية جاهزين للهجوم، لكن أمن حركة أمل والجيش اللبناني منعهم من ذلك.
في الطرف الثاني، يجلس شبان القوات اللبنانية عند تقاطع محمصة صنين. يؤكدون حقهم في شتم حزب الله وأمينه العام، ما دام جمهور الحزب يشتم «الحكيم». المتحدث باسم المجموعة جورج، يشير إلى «أننا كنا على أتم الاستعداد لخوض المعركة لنريهم أن المسيحيين أقوياء». يتحدثون عن رغبتهم «ببناء دولة حديثة، من دون سلاح»، وكيف يحق لطائفة أن تتفرد بقرار الحرب؟... ولا ينسون شيئاً من شعارات زعمائهم. كانوا منتشين بمشهد «المسيحيين المتوحدين في احتفال الجميّل»، ويؤكدون أنهم على استعداد لمواجهة «هجوم الشياح الذي منعه البارحة الجيش اللبناني الذي له وحده حق حمل السلاح».
في اللحظة ذاتها، تمرّ دورية للجيش، ويبدأون بالاستهزاء بها. المفارقة المضحكة، هي أنهم يصرّون على أن حزب الله أراد أن يهاجمهم البارحة وأن عناصر الانضباط في حركة أمل منعتهم. بالنسبة إليهم، انتهت الحرب في التسعينيات، «لكن حزب الله يتصرف بعكس ذلك. وسلاحه لا يساوي شيئاً أمام سلاح القوات اللبنانية الذي وإن سلموه، يمكن أن يستعيدوه بثلاث ثوانٍ». لكنّ الجميع ينفي حصول صدام.
يمكن أن تمر كل يوم على «طريق صيدا القديمة» من دون أن تشعر بأن حرباً باردة ما زالت قائمة. القناص غير ظاهر. والطرفان يؤكدان أنهما راغبان «بالعيش المشترك»، لكن الطرف الآخر لا يريده، وهم مستعدون لأن يستعرضوا قواهم، إذا ما اضطرّوا إلى ذلك.