مندوب «الأخبار» الحزبي
تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان تركت آثارها في كل المحافل والاحزاب في لبنان وفتحت جدلاً واسعاً على خلفيات متعددة، وبلغ الجدل من الحدة في بعض الأوساط شفير الانقسامات، ولامس في البعض منها منطق الانقلابات.
وفي حزب الكتائب اللبنانية «جدل حضاري» من نوع آخر، كما قال احد مسؤولي الحزب الذي أشار إلى «حوار عميق» داخل الغرف المغلقة في الحزب وعلى مستوى القيادة الحزبية، مقللاً من اهمية الفروق في المواقف التي تلمّسها متتبّعو الإطلالات العديدة لقادة الحزب على شاشات التلفزة طيلة فترة الحرب وما بعدها، لافتاً إلى أن «لكل حزبي كما لكل سياسي اسلوبه الخاص في مقاربة الموضوع من دون ان يتجاوز الثوابت والقرارات الحزبية».
ونقل عن احد مسؤولي الحزب قوله: ان التعديل الذي اقرته القيادة الحزبية بعد المصالحة التاريخية في 9 ايلول من العام الماضي، اعطى الرئيس الأعلى للحزب الرئيس الأسبق للجمهورية امين الجميل حق النطق باسم الحزب، والتعبير عن القرارات السياسية والحزبية التي يقرّها المكتب السياسي. لذلك جاءت اللقاءات المدروسة للرئيس الجميل لتوفر العبور السليم للحزب طيلة فترة الحرب، ولإدارة المعركة السياسية بأقل الخسائر الممكنة من دون أن ترتب مضاعفات سلبية على المصالحة الحزبية، وهي التي ما زالت «طرية العود».
ويعترف المسؤول الكتائبي الذي رفض الكشف عن اسمه امام «الأخبار»، بـأن وجهات النظر المختلفة إزاء إدارة المرحلة موجودة في الحزب كما داخل كل بيت وعائلة، فكيف بحزب عانى الكثير من الهزّات الداخلية طيلة الإحدى والعشرين سنة الماضية التي اعقبت وفاة الرئيس المؤسس بيار الجميل.
ويضيف: «اثناء الحرب وبعدها، سجل الحزب أداء مميزاً لم يؤثر فيه عنف العدوان وشراسته، ونجح في القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه على جبهتي الإغاثة والعناية بالنازحين، بينما لم يكن له اي رأي في مجريات العملية العسكرية، ثم على المسرح السياسي عندما بات للموقف مغزاه».
وأضاف: «في الحزب اليوم جدل سياسي عميق رفع مستوى الحوار بشأن الكثير من الخيارات السياسية التي توفر الخروج من المرحلة الخطيرة، وهي تتوزع
على اكثر من مستوى: فهناك من يدعو الى الخروج من التكتلات التي باتت اسيرة مواقف من يديرونها على خلفية الماضي بعيداً عن المعطيات الجديدة التي افرزتها الحرب. وفي موقف مختلف، هناك من يدعو إلى أن يكون الحزب في موقع القوة الثالثة، إذا امكن، بعيداً عن منطق 14آذار و8 آذار، رغم الصعاب التي واجهت محاولات سابقة، إلى رأي آخر يقول بالبقاء في صفوف 14 آذار، ولكن بمعطيات جديدة تنفي عن الحزب منطق التبعية لقريطم الذي يلاحق الفريق المسيحي فيها.
وإلى هذه النقاشات، يشهد المكتب السياسي في الحزب نقاشاً واسعاً يديره الرئيس الأعلى للحزب بكل «عناية»، فيما تفرغ رئيس الحزب كريم بقرادوني
لإعداد ورقة عمل سياسية وحزبية تؤسس لوثيقة جديدة تتناول موقف الكتائب من التطورات على كل المستويات السياسية والحزبية والوطنية والإقليمية، وكيفية التعاطي مع جميع القوى اللبنانية من مختلف الفرقاء في الداخل، ومنها المقاومة، ومن جهة اخرى مع الخارج ومع الدول العربية والصديقة، والأمم المتحدة التي تبدي اهتماماً غير مسبوق بالوضع في لبنان، مما قد لا يتوفر له مرة اخرى اذا لم نحسن استثماره. وبناء على ما تقدم، كشف المسؤول الكتائبي عن قرار عقد خلوة قريبة للمكتب السياسي في الحزب، تدرس الخيارات المطروحة وترسم خريطة طريق الى المستقبل.