غسان سعود
تتكثف الاتصالات بين أعضاء سابقين في قرنة شهوان، غُيبوا منذ الاتفاق الرباعي، وشخصيات سياسية وأكاديمية مسيحية أخرى للتوافق على «خطة عمل» تعيد طرح مطالب «المجتمع المسيحي» وأهدافه، في محاولة لوضع القطار المسيحي على السكة الصحيحة بعدما «انحرف عنها مسيحيو 14 آذار والتيار الوطني الحر» بحسب ما يقول هؤلاء.
وثمة آراء، بين المتابعين للقاء الجديد، تقضي بإبعاد أصحاب المشاريع السياسية عنه، وحصره بغير الطامحين إلى الرئاسة والوزارة والنيابة والمناصب الأخرى، «لمزيد من الصدقية، ولتشجيع بكركي على تبنيه كما فعلت مع لقاء قرنة شهوان قبل أن تفاجأ بأنانية مارونية قلَّ نظيرها». ويُنتظر أن يُعلن اللقاء، إذا أبصر النور قريبًا، أن بيانه التأسيسي هو النداء السابع للمطارنة الموارنة «الذي وضع الإصبع على جرح المسيحيين والوطنوينطلق اللقاء، الذي سيضم مجموعات حزبية غُيبت وأبعدت من أحزابها، من قراءة يقولون إنها الأقرب لـ «المجتمع المسيحي»، وهي تأخذ «إيجابيات كل من الخطاب العوني وخطاب “مسيحيي 14 آذار” مع رفض التنازلات التي يقدمها الطرفان من دون مبرر مقنع».
وينطلق الناشطون لتأسيس اللقاء من «يأس المسيحيين لشعورهم بأن هناك يداً فوق يدهم تتصرّف في مقدّرات البلد، وتأخذهم إلى حيث لا يريدون». ويوضح هؤلاء، وبعضهم شارك في تأسيس لقاء قرنة شهوان، أن استراتيجيتهم للمرحلة المقبلة تتوافق مع ما رسمه نداء المطارنة، وتبدأ أولًا بمعالجة أزمة «فقدان المشاركة الوطنية» التي انطلقت من غياب دور الرئاسة الأولى. يشيرون إلى أن المطارنة لم يحددوا المسؤوليات في تغييب الرئاسة، لكن التهمة تطال «تيار المستقبل والمُلحقين به، أكثر بكثير من التيار الوطني الحر وحزب الله»، رغم استدراكهم بأن المجتمع المسيحي يتذمر من طرفي الصراع على السلطة، ويرفض كل الحجج التي تبيح استمرار تجاهل المسؤولين الدوليين وكل القيادات السياسية في البلد للرئاسة الأولى.
ومعالجة هذا الخلل، وفقاً للقاء الجديد، تُحَتِّم مجيء رئيس قوي يستند إلى قاعدة شعبية واسعة تعيد الهيبة والفاعلية إلى الرئاسة الأولى. ويقول مؤسسو اللقاء الجديد إنهم سيطرحون، كما المطارنة، «معالجة الأنانية الفئوية قبل الانتقال إلى الملفات الأخرى». ويشيرون إلى أن معظم الطوائف حملت إلى طاولة الحوار ملفات تعنيها خصوصاً، «وكان يفترض بالمسيحيين أن يطرحوا قضية المشاركة، ووقف الاستنزاف المسيحي في مؤسسات الدولة».
وبعد تحقيق مشاركة حقيقية لجميع اللبنانيين في القرار، يجوز الكلام، وفقاً لمؤسسي اللقاء الجديد، على مرجعية الدولة. ويلفتون إلى أن المطارنة عبر القول إن «المجلس النيابي، الذي يُفترض أن يكون نتيجة عمليات انتخابية تجري وفق الاصول، يمثّل اتجاهات الشعب اللبناني على اختلافها وتنوّعها»، يُسهم في رفع الغطاء الشرعي عن المجلس الحالي، ويشكك في شرعية الانتخابات التي لم تجر وفق الأصول. كما يؤكدون أن اللقاء سيدعو إلى التغيير الحكومي اعتراضاً على تغييب المسيحيين.
ويُنتظر أن يبادر المؤسسون إلى إنشاء جهاز تعبئة في مختلف المناطق المسيحية، لتتواكب دعوات التغيير مع تحركات احتجاجية شعبية، واعتصامات للضغط على المسؤولين. ويقول أحد المؤسسين إنهم ينتظرون تجاوباً كبيراً من المجتمع المسيحي مع طروحاتهم، وخصوصاً أن الجميع يسأل: «أين المسيحيون مما يجري اليوم؟»، والجميع يقر بأن بعبدا لا تمثل من يفترض بها تمثيلهم، فهي في واد والمسيحيون في وادٍ آخر منذ زمن التمديد وما قبله. وبعد انسحاب سوريا، وانعقاد طاولة الحوار، ظل المسيحيون يشعرون بأنهم «على الهامش».
ولا يخفي المؤسسون أن ممثلي المسيحيين قد يعترضون على هذا الكلام، لكن عليهم الالتفات إلى شعور عام لدى قواعدهم، يرفع درجة التذمر يوماً بعد يوم من «التفاهم» مع حزب الله، و«التحالف» مع «المستقبل»، في ظل استقرار حال التغييب عن «الدور الفاعل» وعدم امتلاكهم زمام أية مبادرة سياسية أو اجتماعية أو حتى إنسانية، وعدم استعادتهم لحقوق طائفتهم عبر التفاهم والتحالف.