برلين ــ غسّان أبو حمد
يعقد البرلمان الألماني غداً الثلاثاء جلسته الأولى لمناقشة القرار الحكومي القاضي بمشاركة قوات البحرية الألمانية في تنفيذ قرار الأمم المتحدة 1701 المتعلق بلبنان.
ومن المقرر أن تتناول الجلسة الأولى طرحاً عاماً ومناقشة لوجهات النظر الحزبية، سواء المؤيدة أو الرافضة للقرار الدولي، على أن يتم التصويت النهائي في جلسة تعقد بعد غد الأربعاء.
وتشير آخر الإحصاءات الحزبية في ألمانيا إلى أن البوندستاغ (البرلمان) الألماني سيوافق على القرار، باستثناء الحزب الديموقراطي الليبيرالي وكتلة الأحزاب اليسارية، بينما تحيط بمبنى البرلمان تظاهرات شعبية ترفض الخرق الفاضح للدستور الألماني القاضي بعدم إرسال الجيوش والأسلحة إلى مناطق النزاع في العالم.
وكان التجمّع الحزبي الحاكم قد أعلن، بلسان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تأييده لقرار المشاركة الألمانية بحجة «واجب حماية إسرائيل والمساهمة في دفع مسيرة السلام في الشرق الأوسطويعلّل الحزب الليبيرالي الديموقراطي رفضه للقرار "التاريخي" بأن بعض بنوده لا تزال غامضة، ما يساعد على انجرار ألمانيا في أتون حرب لا مصلحة لها فيها. أضف إلى ذلك أن هذه المهمة هي على حدود إسرائيل، ما يشير إلى حساسية تواجد الجيش الألماني، لأول مرة، في مواجهة الجيش الإسرائيلي. أما الكتلة اليسارية، فتعلّل رفضها للقرار بأنه مخالف للدستور الألماني الذي يحظر إرسال قوات وأسلحة إلى مناطق النزاع في العالم. وتعدّ هذه المهمّة بمثابة دخول ألماني طوعي إلى حقل الأصولية والتطرف، ما قد يعرّض الأمن الألماني إلى الخطر.
وفي محاولة لنيل تأييد أكبر عدد من أصوات النواب المتردّدين، بسبب غموض حيثيات القرار الدولي 1701 وطريقة تصرف القوات الألمانية في المجال البحري اللبناني، صدر أمس تصريحان: الأوّل عن وزير الدفاع ويتعلق بالمهمة العسكرية، والثاني عن المستشارة الألمانية ويتعلق بالمهمة السياسية.
وزير الدفاع الألماني فرانز يونغ أوضح أن مهمة القوات الألمانية على الشاطئ اللبناني تنحصر «بمنع وصول الأسلحة وتفتيش السفن»، بينما يبقى قرار «مصادرة الأسلحة المهرّبة» من صلاحية الحكومة اللبنانية.
وفور إدلاء وزير الدفاع الألماني بهذا "التوضيح"، رأى رئيس الحزب الليبيرالي الديموقراطي غيدو فيسترفيلي أن "التوضيح زاد المهمة غموضاً". وبدت القضية بكاملها مضحكة بسبب عدم التحديد الواضح للمرجعية والصلاحيات العسكرية. إلا أن بعض النواب الليبيراليين، ومنهم وزير خارجية ألمانيا الأسبق كلاوس كينكل، حسموا بعد ظهر أمس مواقفهم لصالح تأييد القرار الحكومي.
وفي إطار تبديد الغموض، من الوجهة السياسية، وفي محاولة للموازنة بين «واجب حماية إسرائيل» و«واجب المساهمة في دعم عملية السلام في الشرق الأوسط»، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن لقاء مرتقب بين وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير ووزير الخارجية السوري وليد المعلم من أجل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط.
وذكرت مجلة «ديرشبيغل» في عددها الصادر أمس أنّ وزير الخارجية السوري وليد المعلم اتصل بنظيره الألماني شتاينماير وطرح عليه إمكانية اللقاء قريباً على هامش انعقاد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أو في برلين بعد العودة من نيويورك.
وتجدر الإشارة إلى أن الوزير شتاينماير كان قد ألغى زيارته إلى سوريا في منتصف شهر أغسطس الماضي بعد إلقاء الرئيس بشار الأسد خطاباً أشاد فيه بدور حزب الله اللبناني. إلا أن المستشارة ميركل، كما الوزير شتاينماير، وفي محاولة لاحقة لامتصاص ما أشيع عن «انحياز وعدم توازن في الموقف الألماني»، عادا وأكّدا في أكثر من مناسبة على أهمية دور سوريا في عملية السلام في الشرق الأوسط.