جوان فرشخ بجالي
غادرت الأراضي اللبنانية نهار السبت الماضي بعثة اليونيسكو الخاصة بتفقد الأضرار التي لحقت بقطاع الآثار والتراث والثقافة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة. وكانت هذه البعثة قد جالت على المواقع الأثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي ــــ بعلبك ، جبيل، صور ـــ التي طاول القصف المناطق المجاورة لها.
ويقول مدير البعثة مونير بوشناكي، المدير الحالي لمؤسسة الايكروم ICCROM (المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية) "بقينا طوال الحرب على اتصال بكل الزملاء اللبنانيين للاطلاع منهم على الوضع العام ومعرفة آخر المستجدات بالنسبة إلى الآثاروكان مكتب اليونيسكو في بيروت، بالتعاون مع المديرية العامة للآثار، قد أنجز ملفاً بالأضرار التي لحقت بالمباني التاريخية والأثرية أرسل الى مؤتمر استوكهولم مطالباً بتعويضات للمواقع المتضررة".
وعلى أثر عمل هذا الفريق، أنشئت بعثة مؤلفة من عدد من الخبراء بينهم جورجيو كروتشي المتخصص بهيكلية الأبنية، والذي طلب منه العمل لمعرفة إن كانت هياكل بعلبك أو مواقع صور الأثرية قد تضررت من الغارات الجوية المتتالية على أبنية قريبة منها. تضمّ البعثة أيضاً ألين برونو، وهو صاحب خبرة طويلة في ترميم الأبنية وأمراض الحجر والإصابات من التلوث. وعاين برونو مرفأ جبيل الأثري لتحديد تأثير التلوث عليه.
وقد رافقهما في عملهما فيرونيك دوج، المسؤولة عن مكتب الدول العربية في مركز التراث العالمي، ومسؤولة مواقع التراث العالمي في لبنان تامارا تنليفيلي، ومدير مكتب اليونسكو في بيروت لقسم الآثار جوزيف كريدي. وكان يرافقهم خلال جولتهم مسؤولون في المديرية العامة للآثار.
لم تتوجه البعثة في الجنوب الى ما هو أبعد من مدينة صور، وذلك "لدواع أمنية". فقوات الطوارئ العاملة في لبنان والمسؤولة عن أمن البعثة وسلامتها لم تسمح لهم بذلك. لذا لم يروا بأم العين الدمار الذي حل بالوسط التاريخي لمدينة بنت جبيل، أو بقلعة شمع الصليبية أو حتى الأضرار التي لحقت بالنسيج العمراني في قرى الجنوبلكنهم استمعوا إلى الوصف الذي قام به علماء الآثار الذين زاروا المنطقة. ويعلق منير بوشناكي قائلاً: "صحيح أن الأوقات عصيبة ولكن على المسؤولين اللبنانيين استخلاص بعض العبر من هذه الحرب ووضع هيكلية جديدة للعمل بغية المحافظة على التراث الثقافي والآثار.
ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بوضع خطط لحماية وقائية للمواقع. وللوصول الى هذا الهدف، من الضروري إتمام المسح الأثري الحيوي والكامل لكل المناطق اللبنانية، وتحديد سبل للتدخل السريع حينما تدعو الحاجة. إلا أن القيام بكل ذلك مستحيل إن لم يكن هناك من دعم كاف للمديرية العامة للآثار بوسائل حديثة، وإن لم يسمح لها بتكبير طاقمها المختص». ويؤكد بوشناكي أن هذه النقاط ستكون "أساسية" في التوصيات التي سترفعها البعثة الى اليونيسكو.
أما بالنسبة إلى الضرر الذي أصاب المواقع المدرجة على لائحة التراث العالمي، فيقول جورجيو كروتشي إن "هياكل بعلبك لم تتضرر بشكل مباشر من الغارات، لكنْ هناك بعض من الشقوق الحديثة العهد التي يجب أن تبقى تحت المراقبة. ويؤكد أن هناك أحجاراً غير مستقرة تشكل خطراً على الزائرين". أما الاستنتاج الصاعق فهو أن "أعمدة هيكل جوبيتر غير ثابتة وقد تسقط إذا وقعت هزة أرضية. لذا يجب العمل على تثـــبيـــــتها وتـــــقوية بنيــــتها".
وستعقد هذه البعثة اليوم مؤتمراً صحفياً في مقر اليونسكو في باريس تشرح خلاله وضع التراث والآثار في لبنان، محاولة تسليط الضوء على هذا الجانب من الأضرار لحث الدول الأوروبية على المساعدة.
ويقول بوشناكي في هذا الإطار «إن إيطاليا مهتمة بهذا الشق وإنها تدرس إمكان إرسال فرق متخصصة بمواضيع التراث والآثار للمساعدة في هذا الإطار لتكون جزءاً من قواتها العاملة في لبنان».
تجدر الإشارة الى أن لإيطاليا قوة من الشرطة متخصصة بمواضيع الآثار تعمل عادة ضمن القوات الإيطالية المبعوثة لإحلال السلام أو المساهمة في الإعمار، وكانت مهماتها في العراق قد تكللت بالنجاح. فهل سيطلب لبنان عبر اليونسكو من القوات المشاركة المساهمة في القطاع الثقافي؟