جان عزيز
بين تمسك مسيحيي السلطة القائمة بالحكومة الحالية واعتبارها «حكومة وفاق وتوازن بامتياز»، وبين مطالبة مسيحيي المعارضة بتغيير يعيد تكوين السلطة وفق المقتضيات الميثاقية، بدأت جهات مسيحية مستقلة اعداد ملفات كاملة حول أوضاع الإدارات العامة وأداء السلطة حيالها.
أولى الدراسات المنجزة تتناول «قوى الأمن الداخلي»، في إحصاء دقيق لما كانت عليه قبل قيام السلطة الحالية، ولما أضحته الآن، وصولاً الى أرقام تعود الى الأول من أيلول الجاري.
وتكشف هذه الجهات أن عديد هذا القطاع الحساس كان قبل بدء النهج الحالي, مؤلفاً من 18563 عنصراً، موزعين بين 13262 مسلماً و5301 عنصر مسيحي. أي بنسبة 71 في المئة للمسلمين في مقابل 29 في المئة للمسيحيين تقريباً. وفي تفصيل أكثر، كشفت الجهات نفسها أن التوزيع السابق كان كالآتي: 5415 سنياً (29%)، 5921 شيعياً (32%)، 1717 درزياً (9%)، 209 علويين (1%)، 3167 مارونياً (17%)، 1259 أرثوذكسياً (7%)، 811 كاثوليكياً (4%) و64 مسيحياً من المذاهب المختلفة الأخرى.
وفي مسح للتوزيع المذهبي نفسه وفق الرتب المختلفة، يظهر أنه من أصل 752 ضابطاً كانوا يشكلون مجموع ضباط قوى الأمن الداخلي، كان هناك 398 ضابطاً مسلماً (52%) و354 ضابطاً مسيحياً (48%). وكان الموارنة أصحاب النسبة الكبرى من الضباط بين المذاهب كافة, مع 214 ضابطاً مارونياً (28%)، يليهم السنّة 171 ضابطاً (23%)، ثم الشيعة 169 ضابطاً (22%)، فالأرثوذكس 79 ضابطاً (11%)، والكاثوليك 60 ضابطاً (8%)، والدروز 51 ضابطاً (7%)، إضافة الى 7 ضباط علويين وضابط مسيحي من الأقليات.
وكان الفارق أكبر طبعاً في نسب الرتباء والأفراد مع 8194 مسلماً (66%) و4164 مسيحياً (34%)، على مجموع 12358 رتيباً وفرداً.
وكان التوزيع المذهبي للرتباء والأفراد كالآتي: الشيعة في المقدمة مع 3699 رتيباً وفرداً (30%)، السنّة 3216 (26%)، الموارنة 2464 (20%)، الدروز 1156 (9%)، الأرثوذكس 1049 (8%)، الكاثوليك 603 (5%)، العلويون 123 (1%) و48 من المذاهب المسيحية الأخرى.
وتؤكد الأوساط نفسها أنه قبل قيام السلطة الحالية, بدا واضحاً أن الخلل في هذا القطاع الحساس, يزداد كلما ازدادت ظاهرة التعاقد وإلحاق المجندين. ذلك أنه كان معروفاً مذذاك, أن مجموع هؤلاء، والذي كان في حينه 5453 متعاقداً ومجنداً، كان موزعاً بين 4670 مسلماً و783 مسيحياً فقط، أي بنسبة 85% للمسلمين و15 في المئة فقط للمسيحيين.
واستناداً الى هذه الحقيقة المعروفة مسبقاً، تعتقد الأوساط نفسها أنه لم تكن مصادفة ولا خطوة عفوية أو إجراءً بريئاً، أن تلجأ السلطة الحالية، ضمن مخططها لزيادة عديد قوى الأمن الداخلي، الى الاعتماد في شكل أساسي على التعاقد وعلى تمديد خدمة المجندين، بدل اللجوء الى التطويع العادي وفق أحكام القانون 17، الذي يرعى «تنظيم قوى الأمن الداخلي». لا بل أن دورة تطويع كانت قد فُتحت وتقدم إليها 4800 مسيحي، جمّدت، علماً أنها كانت تشكل فرصة لزيادة العديد المطلوب عشرة آلاف عنصر، في شكل متوازن بين المسيحيين والمسلمين. غير أن هذه السلطة عمدت بدل ذلك الى الاستمرار في الاعتماد على التعاقد وتمديد خدمة المجندين، في شكل أدى الى تغيير واضح في التوزع المذهبي للسلك، وذلك بدءاً من سنة 2005 وحتى اللحظة.
إذ تُظهر الدراسة نفسها أن زيادة عديد السلك بالاعتماد على التعاقد والمجندين، وخلافاً لقاعدة التطويع القانوني، جاءت بـ4393 عنصرا جديداً. وبين هؤلاء 1596 سنياً، أي 36% منهم، و883 مارونياً (20%)، و856 شيعياً (19%) و319 أرثوذكسياً (7%) و306 دروز (7%) و123 مسيحياً مختلفاً (3%) و51 علوياً فقط (1%).
وبهذا الإجراء ارتفع عديد السلك الى 22956 عنصراً، 16071 منهم مسلمون و6885 مسيحيون. وبالتالي ظلت النسب موزعة بين 70% للمسلمين مقابل 30% للمسيحيين، فيما لو اعتمد التطويع القانوني، ولو لم تجمد دورة التطويع المذكورة, لكانت النسب أقرب الى60% للمسلمين و 40% للمسيحيين.
والأهم أن إجراء السلطة الحالية سمح للعديد السني بالارتفاع الى المرتبة الأولى مع 7011 عنصراً (30%)، ليتراجع الشيعة الى المرتبة الثانية مع 6777 عنصراً (29%). لتخلص الدراسة الى توقعها باستمرار هذا الاتجاه الفوارقي، مع استمرار نهج السلطة القائمة، خصوصاً أن نحو 10 آلاف عنصر جديد، من المتعاقدين والمجندين ينتظرون تثبيتهم أيضاً، ولا يزيد المسيحيون منهم عن 2300 عنصر.
وفي نداء المطارنة الموارنة السابع، في 6 أيلول الجاري، تحدثت بكركي عمن يسعى الى «حشد أكبر عدد ممكن من أزلامه ومحاسيبه في الوظائف والدوائر الحكومية (...) سواء أكان كفؤاً وأهلاً أم لم يكن، شرط أن يكون إبناً لطائفته وأن يدين بالولاء لمَن عيّنه في وظيفته، وهذه مفسدة للأخلاق وللوظيفة وتدمير للمؤسسات الحكومية وتعزيز للمحسوبيات».